بحماس.
فمع أنّ هذه الأبحاث الستّة صالحة للبحث في هذا الأصل ، لكن نرى أنّ المعتزلة يركّزون على البحث عن الرابع والسادس أكثر من غيرهما ، ويمرّون على الأبحاث الباقية مروراً إجمالياً. وما هذا إلاّ لأنّ أهل الحديث والأشاعرة متّفقون معهم فيها. وهذا أيضاً يؤيّد ما ذكرنا من أنّ الاُصول العقائدية إنّما رتّبت ونظمت بين كلّ فرقة لأجل الردّ على مخالفيها لا لبيان الاُصول الّتي يناط بها الإسلام والإيمان في عصر النّبيّ والصحابة.
و لأجل ذلك صار التوحيد عند المعتزلة رمزاً للتنزيه ، فكلّما أطلقت هذه الكلمة ، انصرفت أذهانهم إلى تنزيهه سبحانه عمّا لا يليق به في باب الصّفات ومجال الروية.
وبما أنّهم ينفون الصفات الزائدة على ذاته سبحانه ، وتثبته الأشاعرة وقبلهم أهل الحديث ، صارت الصفاتية شعاراً لهذه الفرقة.
إذا وقفت على ذلك فلنركّز على النّقاط الّتي يرجى تبيينها في زاوية فكر الاعتزال ونطوي الكلام عن غيرها لعدم الخلاف ، فنقول :
إنّ البحث عن صفاته سبحانه يتمركز على نقاط ثلاث :
الاُولى : تبيين كيفيّة استحقاقه سبحانه لصفاته الكماليّة وحملها عليه ، فهل هذه الصّفات حادثة أو قديمة ، زائدة على الذات أم لا؟
الثانية : تبيين كيفية حمل الصفات الخبرية عليه الواردة في الذكر الحكيم من اليد والوجه والعين ، فهل تحمل على الله سبحانه بظواهرها الحرفيّة كما عليه السّلفية والأشاعرة ، أو تحمل عليه بظواهرها التصديقيّة ، أو لا هذا ولا ذاك بل تؤوّل لقرائن عقليّة؟
الثالثة : نفي الرؤية الحسية الّتي يدّعيها أهل الحديث.
فلنرجع إلى تبيين النقطة الاُولى أعني تبيين كيفيّة حمل الصّفات عليه.