لا يجوز أن يكون معدوماً ، وإن كان موجوداً فلا يخلو إمّا أن يكون قديماً أو محدثاً ، والأقسام كلُّها باطلة ، فلم يبق إلاّ أن يكون عالماً بذاته على ما نقوله » (١).
وقال أيضاً : « لو كان يستحقّ هذه الصفات لمعان قديمة ، وجب أن تكون هذه المعاني مثلاً لله تعالى ... إلى آخر ما أفاده » (٢).
كلّ ذلك يعرب عن أنّ الداعي لنفي الصفات الأزليّة هو تنزيهه سبحانه عن المثل بل الأمثال. تعالى عمّا يقول الظالمون علوّاً كبيراً.
نعم هناك حافزان آخران صارا سببين لنفي الصفات الزائدة على الذات نشير إليهما :
١ ـ تركيب الذات مع الصّفات ، فإنّه سبحانه كما هو واحد لا نظير له ولا مثيل فهو عزّ وجلّ « أحد » بسيط لا جزء له ، والتركيب حليف الامكان ، لأنّ المركّب متقوّم بالأجزاء ، والمتقوّم لا يكون واجباً ولا غنياً.
٢ ـ استلزام القول بالصفات الزائدة على الذات كونه سبحانه ناقصاً مستكملاً بالخارج عن ذاته وحيطة وجوده ، مع أنّه سبحانه كلّ الجمال والكمال ، لا يشذُّ كمال عن حيطة وجوده ، ولاجمال عن حدِّ ذاته.
ولأجل هذين الأمرين مع ما تقدّم من حديث تعدّد القدماء اشتهرت المعتزلة بنفاة الصفات « الصفات الزائدة على الذات » كما اشتهرت الأشاعرة بالصفاتية ، متظاهرين بأنّ هناك ذاتاً ووصفاً ، والذات غير الوصف ، وكلاهما قديمان.
إذا عرفت موقف المعتزلة في نفي الصفات الزائدة على الذات ، فهلمّ معي نقرأ بحثاً آخر من هذا المقام وهو تبيين كيفيّة حمل الصّفات على ذاته سبحانه على مذهبهم ، إذ كيف يمكن توصيفه سبحانه بأنّه عالم وقادر مع القول بعدم الصفات الزائدة على
____________
١ ـ شرح الاُصول الخمسة : ص ١٨٣.
٢ ـ المصدر نفسه : ص ١٩٥، ولاحظ ص ١٩٧. ولاحظ الملل والنحل : ج ١ ص ٤٦ في تبيين القاعدة الأولى من القواعد الأربع الّتي اختارها واصل بن عطاء ، ترى فيها التصريح منه بأنّ الغاية لنفي الصفات هو التنزيه.