واحد ، وينتزع منه مفاهيم عديدة ، نأتي بمثال وإن كان الفرق بين المثل والممثّل عظيماً ، ولكنّ الهدف هو التقريب لا التشبيه.
إذا تصوّرنا الإنسان الخارجي وفرضنا له ماهيّة ، فلها ذاتيات ـ كالحيوان والناطق ـ يعدّان من الاُمور الذاتية بالنسبة إلى ماهيته ، فهذه الذاتيات موجودة بوجود واحد شخصي من دون أن تكون حيثيّة الحيوان في الخارج غير حيثيّة الناطق ، بل الإنسان الخارجي كلّه بوحدته مصداق للحيوان ، كما هو كلّه مصداق للناطق.
فهنا شيء واحد وهو الشخصية الخارجية الّتي هي مصداق الإنسان ، يصحّ أن ينتزع منه مفاهيم كثيرة من دون أن تنثلم وحدته.
وعلى ضوء هذا المثال نقول : إنّ ذاته سبحانه بوحدتها وبساطتها ، مصداق لكونه عالماً وقادراً وحيّاً ، وليست حقيقة العلم في ذاته تغاير واقعيّة القدرة فيه. كما أنّ كليهما لا يغايران حقيقة الحياة. بل الذات الواحدة بما أنّها موجود بسيط ، مصداق لهذه الكمالات من دون أن تضمّ إلى الذات ضميمة أو تطرأ كثرة.
وبهذا البيان تحفظ على بساطته ، كما تحفظ على كونه واجداً لحقيقة الصفات الكماليّة. ولا يهدف هذا البيان إلى إخلاء الذات عن حقيقة هذه الصّفات ، ولا تعطيلها عن الاتّصاف بها ، بل يريد أنّ الذات لأجل كونها كلّ الكمال وكلّ الجمال ، وليس فوقها موجود أكمل وأجمل ، بوحدتها وبساطتها واجدة لحقيقة هذه الصفات. والفرق بين كونه سبحانه عالماً وكون زيد عالماً ، بعد اشتراكهما في كونهما واجدين لحقيقة هذا الوصف ، هو أنّه سبحانه ببساطته واجد لهذا الكمال ، وذاته مصداق للعلم ، ولكنّ زيداً بذاته غير واجد لهذا الكمال وإنّما وصل إليه في مرتبة بعدها.
نعم ، كونه سبحانه عالماً بهذا المعنى يخالف ما هو المتبادر منه لفظ « العالم » وأشباهه ، فإنّ المتبادر منه هو الذات المتّصفة بالمبدأ لا الذات البسيطة المتحقّق فيها المبدا ، والقسم الثاني مصداق جديد لم يتعرّف عليه العرف كما لم يتعرّف عليه الواضع ، وإنّما هو مصداق كشف عنه العقل بدقّته وغفل عنه العرف لمسامحته ، ولكنّه لا يضر