يقول : والسماء بنيناها بقدرة لا يوصف قدرها وإنّا لذو سعة في القدرة لا يعجزها شيء ، أو بنيناها بقدرة عظيمة ونوسعها في الخلقة. ومن أراد أن يقف على تأويل غير مقبول في تفسير الآية فعليه أن يرجع إلى كلام الزمخشري في هذاالباب ، فإنّ تأويله أردأ من تأويل القاضي ، وهو من ذلك العالم البارع الأديب بعيد جدّا (١).
هذا نموذج من التّأويل المردود ، وأمّا التأويل المقبول فحدّث عنه ولا حرج ، وإليك نموذجاً منه :
٢ ـ قوله سبحانه : ( إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمواتِ وَالأرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّام ثُمَّ اسْتَوى عَلَى العَرْشِ يُدَبِّرُ الأمْرَ مَا مِنْ شَفِيع إلاّ مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ ذلِكُمُ اللّهُ رَبّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ ) ( يونس / ٣ ).
وقوله سبحانه : ( إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمواتِ وَالأرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّام ثُمَّ اسْتَوى عَلَى العَرْشِ يُغْشِي الَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً وَالشَّمْسَ وَالقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرات بِأَمْرِهِ ألا لَهُ الخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللّهُ رَبُّ العَالَمِينَ ) ( الأعراف / ٥٤ ).
وقد شغل بال المفسّرين وأهل الكلام استواؤه سبحانه على العرش، فأقصى ما عند أهل التنزيه من الأشاعرة أنّه سبحانه مستو على عرشه ( جالس أو مستقرّ عليه ) ولكن من غير كيف (٢).
وأمّا المشبّهة فهم يقولون بالجلوس على العرش على الكيف والتّشبيه.
ولو أنّ القوم تدبّروا في نفس الآيتين الماضيتين والآيات الاُخر (٣) التّي ورد فيها قوله سبحانه : ( ثُمَّ اسْتَوى عَلَى العَرْشِ ) ، لوقفوا على أنّ الظهور التصوّري وهو كونه سبحانه ذا سرير متربّعاً عليه ، غير مراد قطعاً ، إذ لا مناسبة لهذا المعنى مع ما جاء في الآيات من بيان عظمة قدرته وسعة ملكه وتدبيره ، وإنّه لا يشذّ عن علمه شيء ، بل
__________________
١ ـ لاحظ الكشاف : ج ٣ ص ٢١.
٢ ـ الابانة : باب ذكر الاستواء على العرش، ص ٨٥.
٣ ـ الرعد / ٢، الفرقان / ٥٩، السجدة / ٥، الحديد / ٥، غافر / ١٥، طه / ٨ باختلاف يسير.