الجملي ، فالغاية للنّظام الجملي ليس أمراً خارجاً عن وجود النظام حتّى يسأل عنها بالنحو الوارد في الدليل ، بل هي عبارة عن الخصوصيّات الموجودة فيه وهي بلوغ النظام بأبعاضه وأجزائه إلى الكمال الممكن ، والكمال الممكن المتوخّى من الإيجاد خصوصيّة موجودة في نفس النظام ، ويعدّ صورة فعليّة له ، فالله سبحانه خلق النظام ، وأوجد فعله المطلق ، حتّى يبلغ ما يصدق عليه فعله كلاًّ أو بعضاً إلى الكمال الّذي يمكن أن يصل إليه. فليست الغاية شيئاً مفصولاً عن النظام ، حتّى يقال ما هي الغاية لهذه الغاية حتّى تتسلسل ، أو تصل إلى موجود لا غاية له.
وبما أنّ إيصال كلّ ممكن إلى كماله ، غاية ذاتيّة ، لأنّه عمل جميل بالذات ، فيسقط السؤال عن أنّه لماذا قام بهذا ، لأنّه حين أوصل كلّ موجود إلى كماله الممكن ، فالسؤال يسقط إذا انتهى إلى السؤال عن الأمر الجميل بالذات.
فلو سئلنا عن الغاية لأصل الايجاد وإبداع النظام ، لقلنا : بأنّ الغرض من الإيجاد عبارة عن إيصال كلّ ممكن إلى كماله الممكن. ثمّ إذا طرح السؤال عن الهدف من إيصال كلِّ ممكن إلى كماله الممكن ، لكان السؤال جزافياً ساقطاً ، لأنّ العمل الحسن بالذات ، يليق أن يفعل ، والغاية نفس وجوده.
فالايجاد فيض من الواجب إلى الممكن ، وإبلاغه إلى كماله فيض آخر ، يتمّ به الفيض الأوّل ، فالمجموع فيض من الفيّاض تعالى إلى الفقير المحتاج ، ولا ينقص من خزائنه شيء ، فأيّ كمال أحسن وأبدع من هذا؟ وأىُّ غاية أظهر من ذلك ، حتّى تحتاج إلى غاية اُخرى؟ وهذا بمثابة أن يسأل لماذا يفعل اللّه الأفعال الحسنة بالذات؟ فإنّ الجواب ، مستتر في نفس السؤال وهو أنّه فعله لأنّه حسن بالذات ، وما هو حسن بالذات نفسه الغاية ، ولا يحتاج إلى غاية اُخرى.
ولأجل تقريب الأمر إلى الذهن نأتي بمثال : إذا سألنا الشابّ الساعي في التّحصيل وقلنا له : لماذا تبذل الجهود في طريق تحصيلك؟ فيجيب : لنيل الشهادة العلمية. فإذا أعدنا السؤال عليه وقلنا : ما هي الغاية من تحصيلها؟ يجيبنا : للاشتغال في