هذه هي المسائل الّتي اختلفت فيها كلمة المتكلّمين من غير فرق بين المعتزليّ وغيره ولا نركّز البحث على هذه المسائل ، وإنّما نبحث في المسائل الآتية الّتي تعدّ من متفرّدات المعتزلة.
أ ـ هل يحسن من الله تعالى عقلاً أن يعفو عن العصاة وأن لا يعاقبهم إذا ماتو بلا توبة ، أو إنّه ليس له إسقاطه؟
ب ـ هل الفاسق ( مرتكب الكبائر ) مخلّد في العذاب أو لا؟ سواء أكان العذاب بالنّار أم بغيرها.
ج ـ إذا كان التّخليد في العذاب أمراً محقّقا ، فما معنى الشّفاعة الّتي تضافر عليها الكتاب والسنّة المفسّرة بخروج الفسّاق من النّار بشفاعة الرّسول وغيره؟
د ـ هل القائلون بجواز العفو أو عدم الخلود مرجئة أم راجية؟
هـ ـ هل الطّاعات مؤثِّرة في سقوط العقاب ، والمعاصي مؤثرة في سقوط الثّواب؟
هذه هي المسائل الّتي تفرّدت بها المعتزلة ، واشتركت معهم فئة الخوارج في تخليد الفسّاق في العذاب ، لقولهم بكفر المرتكب للكبيرة ، وهذا الأصل ـ أي الوعد والوعيد ـ رمز إلى هذه المسائل الخمس الأخيرة.
اختلفت مدارس الاعتزال فيها ، فالبصريّون ومنهم القاضي عبدالجبّار على الجواز، والبغداديّون على المنع ، حتّى قالوا : يجب عليه أن يعاقب المستحقّ للعقوبة ، ولا يجوز أن يعفو عنه ، حتّى صار العقاب عندهم أعلى حالاً في الوجوب من الثّواب. فإنّ الثّواب عندهم لا يجب إلاّ من حيث الجود. وليس هذا قولهم في العقاب فإنّه يجب فعله على كلِّ حال.