بِظَلاّم لِلْعَبِيد ) وقال عزّوجلّ : ( إنّ اللّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ ويَغْفِرُ مَا دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ ) (١).
هذا هو موجز الكلام في المسألة الأولى ، وإليك البحث في مسألة التّخليد.
هذا هو البحث المهمّ في هذا الأصل ، ويعدّ بيت القصيد في فروعه. لا شكّ أنّ الله تعالى أوعد المجرمين التّخليد في العذاب ، فهل هو مختصّ بالمشركين والمنافقين أو يعمّ مرتكب الكبائر؟ ذهبت المعتزلة إلى عمومها وصار القول بالتّخليد شارة الاعتزال وسمته ، وخالفوا في ذلك جمهور المسلمين. قال المفيد : « اتّفقت الإمامية على أنّ الوعيد بالخلود في النّار متوجّه إلى الكفّار خاصّة ، دون مرتكبي الذنوب من أهل المعرفة بالله تعالى والاقرار بفرائضه من أهل الصّلاة ، ووافقهم على هذا القول كافّة المرجئة سوى محمّد بن شبيب وأصحاب الحديث قاطبة. وأجمعت المعتزلة على خلاف ذلك وزعموا أنّ الوعيد بالخلود في النّار عامّ في الكفّار ، وجميع فسّاق أهل الصّلاة » (٢).
ثمّ إنّ المعتزلة استدلّت على خلود الفاسق في النّار بالسّمع وهو عدّة آيات ، استظهرت من إطلاقها أنّ الخلود يعمّ الكافر والمنافق والفاسق ، وإليك هذه الآيات واحدة بعد الاُخرى :
الآية الأولى : قوله سبحانه : ( ومَنْ يَعْصِ اللّهَ ورَسُولَهُ ويَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً خَالِداً فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ ) ( النساء / ١٤ ) (٣).
ولا شكّ أنّ الفاسق ممّن عصى الله ورسوله بترك الفرائض وارتكاب المعاصي.
__________________
١ ـ أوائل المقالات : ص ١٤. والآيتان من سورتي فصّلت ٤٦ والنساء ٤٨.
٢ ـ أوائل المقالات : ص ١٤.
٣ ـ وأمّا قوله سبحانه : ( ومن يعص الله ورسوله فان له نار جهنم خالدين فيها ) ( الجن ٢٣ ). فهو راجع الى الكفار ، كما هو واضح لمن لاحظ آيات السورة.