التّوبة. وكذلك يجب إخراج من يتفضّل الله بإسقاط عقابه منها لقيام الدّلالة على جواز وقوع التفضّل بالعفو » (١).
الآية الثّانية : قوله سبحانه : ( ومَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنَاً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمَ خَالِداً فِيهَا وغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً ) ( النساء / ٩٣ ).
قال القاضي : « وجه الاستدلال هو أنّه تعالى بيّن أنّ من قتل مؤمناً عمداً جازاه ، وعاقبه ، وغضب عليه ، ولعنه وأخلده في جهنّم » (٢).
يلاحظ عليه أوّلاً : أنّ دلالة الآية بالاطلاق ، فكما خرج منه القاتل الكافر إذا أسلم ، والمسلم القاتل إذا تاب ، فليكن كذلك من مات بلا توبة ولكن اقتضت الحكمة الالهيّة أن يتفضّل عليه بالعفو. فليس التّخصيص أمراً مشكلاً.
وثانياً : إنّ المحتمل أن يكون المراد القاتل المستحلّ لقتل المؤمن ، أو قتله لإيمانه. وهذا غير بعيد لمن لاحظ سياق الآيات.
لاحظ قوله سبحانه : ( سَتَجِدُونَ آخَرِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَأْمَنُوكُمْ ويَأْمَنُوا قَومَهُمْ كُلَّ مَا رُدُّوا إلى الفِتْنَةِ أُرْكِسُوا فِيهَا فَإِنْ لَمْ يَعْتَزِلُوكُمْ ويُلْقُوا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ ويَكُفُّوا أَيْدِيَهُمْ فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وأُولئِكُمْ جَعَلْنَا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطاناً مُبِيناً ) ( النساء / ٩١ ).
ثمّ ذكر سبحانه بعد هذه الآية حكم قتل المؤمن خطأً وتعمّداً ، وفي ضوء هذا يمكن أن يستظهر أنّ الآية ناظرة إلى القتل العمديّ الّذي يقوم به القاتل لعداء دينيّ لاغير ، فيكون ناظراً إلى غير المسلم.
الآية الثّالثة : قوله سبحانه : ( بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولِئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ) ( البقرة / ٨١ ).
__________________
١ ـ مجمع البيان : ج ٢، ص ٢٠، طبعة صيدا.
٢ ـ شرح الاصول الخمسة : ص ٦٥٩.