مقابلة بالعقاب ، لأنّ الصّورة المناسبة للعقاب قد بطلت بصورة أُخرى. وإذا انعكست الصّورة انعكس الحُكم.
وأمّا لو قلنا بالوجه الثالث ، وهو تَجَسّم الأعمال وتمثّلها في الآخرة بالوجود المماثل لها ، فالقول بعدم الاحباط هو الموافق للقاعدة ، إذ لا معنى للإِبطال في النشأة الاُخرى.
غير أَنّ الكلام كلّه في انحصار الثّواب والعقاب بهذين الوجهين الأخيرين (١).
البحث عن عوامل الإِحباط وأَسبابه ، بحثُ نقليّ يتوقّف على السّبر والفحص في الكتاب والسنّة ، ونكتفي في المقام بما جاء في الكتاب العزيز.
١ ـ الإرتداد بعد الإِسلام
قال سبحانه : ( ومَن يرتَدِد مِنكُم عَن دِيِنِه فَيَمُت وهُوَ كافِر ، فأُولئكَ حَبِطَت أَعْمالُهُم في الدنيا والآخرة ، وأُولئكَ أَصحابُ النّارِ هُمْ فيها خالِدُونَ ) ( سورة البقرة : الآية ٢١٧ ).
٢ ـ الشرك المقارن بالعمل
يقول سبحانه : ( ما كانَ للمُشركينَ أَنْ يَعمُرُوا مساجِدَ اللّهِ شاهدينَ على أَنْفُسِهِمْ بالكُفْرِ أُولئكَ حَبِطَتْ أَعّْمالُهُم وفي النّارِ هُمْ خالِدونَ ) ( سورة التوبة : الآية ١٧ ).
وقدكان المشركون يزعمون أَنّ العمل الصالح بنفسه موجب للثّواب ، غير أنّ القرآن شطب على هذه العقيدة ، وصرّح بأنّ الثّواب يترتّب على العمل الصالح ، إذا صدر من فاعل مؤمن.
ولأجل ذلك أتبع سبحانه الآية السابقة بقوله : ( إنّما يَعْمُرُ مساجِدَ الله مَنْ آمَنَ
__________________
١ ـ لاحظ : « الالهيات » ج ١، ص ٢٩٩.