وعلى هذا فإذا ترك فريضة أو ارتكب حراماً يخرج من عداد المؤمنين وفيه تشترك المعتزلة والخوارج ، ولكن تنشعب المعتزلة عن الخوارج بقولهم إنّه لا مؤمن ولا كافر ، بل في منزلة ـ أو له ـ بين المنزلتين ، ولكنّه عند الخوارج ليس بمؤمن بل كافر.
ثمّ إنّهم استدلّوا على كونه ليس بمؤمن بوجوه نأتي بها مع تحليلها :
الدّليل الأوّل : ما مرّ في مناظرة واصل بن عطاء مع عمرو بن عبيد من اختلاف المسلمين في سائر الأسماء واتّفاقهم على كونه فاسقاً ، فنأخذ بالمجمع عليه ونطرح ما اختلفوا فيه ، حيث إنّهم اختلفوا في كونه مؤمناً أو كافراً أو منافقاً ، ولكن اتّفقوا في كونه فاسقاً ، فنأخذ بالمتيقّن ونطرح المختلف فيه. وقد عرفت ضعف هذا الدّليل فلا نعيده.
الدّليل الثّاني : ما ذكره القاضي من أنّ « المؤمن » نقل عن معناه اللّغوي إلى معنى آخر وصار بالشّرع اسماً لمن يستحقّ المدح والتّعظيم ، والدّليل على ذلك أنّه تعالى لم يذكر اسم المؤمن إلاّ وقد قرن إليه المدح والتّعظيم. ألا ترى إلى قوله تعالى : ( قد أفلح المؤمنون ) وقوله : ( إنّما المؤمنون الّذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم ) وقوله : ( إنّما المؤمنون الّذين آمنوا بالله ورسوله وإذا كانوا معه على أمر جامع لم يذهبوا حتّى يستأذنوه ) إلى غير ذلك من الآيات.
ومثله لفظ المسلم فهومنقول إلى من يستحقّ المدح والتّعظيم.
يلاحظ عليه : أنّ ما ذكره ادّعاء محض غير مقترن بالدّليل ناش من خلط الأثر بذي الأثر ، ولو صحّ لوجب أن يقول القاضي : إنّ الصّلاة موضوع لمعراج المؤمن ، والصّوم للجُنّة من النار ، والزّكاة لتنمية المال ، لقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « الصّلاة معراج المؤمن » و « الصّوم جُنّة من النار » و « الزّكاة تنمية للمال ».
والّذي يدلّ على فساد ما ذكره أنّه لو صحّ لوجب أن يصحّ وضع الممدوح مكان المؤمن في الآيات التّالية ، مع أنّه لا يقبله أيّ ذوق سليم.
١ ـ قال سبحانه : ( ولعبد مؤمن خير من مشرك ) ( البقرة / ٢٢١ ).