صالح يستحقّ الثّواب قطعاً لقوله : ( من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينّه حيوة طيَّبة ولنجزينّهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون ) ( النحل / ٩٧ ) ويستحقّ العقاب لكونه ذا عمل سَيّىء.
ثمّ إنّ القاضي عطف على دليله السابق قوله :
١ ـ لو كان لفظ المؤمن باقياً على ما كان عليه في اللّغة لكان يجب إذا صدّق المرء غيره أو آمنه من الخوف أن يسمّى مؤمناً وإن كان كافراً.
٢ ـ ولكان يجب أن لا يسمّى الأخرس مؤمناً.
٣ ـ ولكان أن لا يجري على النّائِم والسّاهي ، لأنّ الانقياد غير مقصود منهما.
٤ ـ ولكان يجب أن لا يسمّى الآن بهذا الاسم إلاّ المشتغل به دون من سبق منه الإسلام ، ولازمه أن لا نسمّي أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم مؤمنين (١).
يلاحظ عليه : أنّهذه الوجوه عليلة جدّاً لا تليق بمقام القاضي. أمّا الأوّل ، فالمؤمن هو المذعن المصدّق ، ويختلف متعلّقه بحسب اختلاف الموارد ، فإذا أطلق في عرف اللّغة يراد منه نفس المذعن ، سواء كان متعلّقه هو الله سبحانه أو غيره. قال سبحانه : ( وما أنت بمؤمن لنا ) ( يوسف / ١٧ ).
وأمّا في عرف الشّرع والمتشرّعة ومصطلح القرآن والحديث ، فالمراد هو الاذعان بالله واليوم الآخر ورسالة رسوله ، فالّذي يصدق شخصاً مؤمن حسب اللّغة ، ولا يطلق عليه المؤمن في مصطلح الشّرع والمتشرّعة بهذا الملاك.
وأمّا الأخرس فهو مؤمن لكشف إشاراته عن إذعانه ، والنّائم والسّاهي مؤمنان لوجود الاذعان في روحهما ، غاية الأمر يكون النّوم والسّهو مانعين عن بروزهما. وأمّا من مات مؤمناً فهو أيضاً مؤمن بلحاظ حال النّسبة ، لا حال التكلّم ، فالضّارب والقاتل في اليوم الماضي يطلق عليهما المشتقّ باعتبار زمان النّسبة لا باعتبار زمان التكلّم ، والشّجرة
__________________
١ ـ شرح الاصول الخمسة : ص ٧٠٣ ـ ٧٠٥.