خاتمة المطاف
الأوّل : تحليل بعض ما رمي به مشايخ المعتزلة من الانحلال الأخلاقي ، فإنّ في ذلك توضيحاً للحق ، بل دفاعاً عنه.
الثاني : تبيين تاريخ المعتزلة من حيث تدرّجهم من القدرة إلى الضّعف ، وذلك بحث تاريخيّ يهمّنا من بعض الجهات ، وسيظهر في طيّات البحث.
الثالث : الآثار العلميّة الباقية من المعتزلة.
الاعتزال ظهر في أوساط المسلمين بطابعه العقلي لتحقيق العقائد الإسلاميّة ، ودعمها على ضوء الدّليل والبرهان. فكانوا يدافعون عنها حسب طاقاتهم الفكريّة ، يشهد بذلك حياة مشايخهم وأئمّتهم وتلاميذهم.
ولعلّ تصلّبهم في المناظرة ، وعدم السّكوت في مقابل الملاحدة وأهل الكتاب من اليهود والنّصارى ، لأجل عنايتهم بالأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر ، حتّى صار ذلك أحد أُصولهم الّتي بها يتميّزون عن غيرهم ، وقد عرفت نماذج من مناظراتهم مع المخالفين فلا نعيد.
ولم يكن دفاعهم عن الإسلام منحصراً بالمناقشات اللّفظية ، بل كانوا يستعملون القوّة إذا أُتيح لهم ذلك.
مثلاً : إنّ بشّار بن برد كان متّهماً بالالحاد ، فهدّده واصل بالقتل ، ولم يكتف بذلك حتّى نفاه من البصرة ، فذهب إلى حرّان وبقي فيها إلى أن توفّي واصل ثمّ عاد إلى البصرة.