وذكراً وإيماناً ونوراً وهدىً ومباركاً وعربياً وقصصاً فقال : ( نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ القُصَصِ بِما أَوْحَيْنا إِليكَ هذا القرآن ) وقال : ( قُلْ لِئنِ اجْتَمَعَت الإنْسُ والجنُّ على أَن يأْتُوا بِمِثلِ هذا القرآن لا يأَتُونَ بمثلهِ ) وقال : ( قُلْ فَأْتُوا بعشرِ سِوَر مَثْلهُ مُفْتَريات ) وقال : ( لا يَأْتيهِ الباطل مِنْ بَيْنَ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ ) فجعل له أوّلاً وآخراً ، ودلّ عليه أنّه محدود مخلوق ، وقد عظّم هؤلاء الجهلة بقولهم في القرآن الثلم في دينهم والحرج في أمانتهم ، وسهّلوا السّبيل لعدوّ الإسلام ، واعترفوا بالتّبديل والالحاد على قلوبهم حتّى عرّفوا ووصفوا خلق الله وفعله بالصّفة الّتي هي للّه وحده وشبّهوه به ، والأشباه أولى بخلقه وليس يرى أمير المؤمنين لمن قال بهذه المقالة حظّاً في الدّين ولا نصيباً من الإيمان واليقين .... إلى أن قال : فاقرأ على جعفر بن عيسى وعبدالرحمن بن إسحاق القاضي كتابَ أمير المؤمنين بما كتب به إليك وانصصهما عن علمهما في القرآن وأعلمهما أنّ أميرالمؤمنين لا يستعين على شيء من أُمور المسلمين إلاّ بمن وثق بإخلاصه وتوحيده ، وأنّه لاتوحيد لمن لم يقرّ بأنّ القرآن مخلوق. فإن قالا : بقول أميرالمؤمنين في ذلك فتقدّم إليهما في امتحان من يحضر مجالسهما في الشّهادات على الحقوق ونصّهم عن قولهم في القرآن ، فمن لمن يقل منهم إنّه مخلوق أبطلا شهادته ولم يقطعا حكماً بقوله وإن ثبت عفافه بالقصد والسّداد في أمره ، وافعل ذلك بمن في سائر عملك من القضاة وأشرف عليهم إشرافاً يزيد الله به ذا البصيرة في بصيرته ويمنع المرتاب من إغفال دينه واكتب إلى أمير المؤمنين بما يكون منك في ذلك إن شاء الله » (١).
دعوة المحدّثين والقضاة لسماع كتاب الخليفة
ولما جاءت الرسالة الثالثة إلى إسحاق بن إبراهيم ، أحضر لفيفاً من المحدّثين منهم ١ ـ أبو حسّان الزيادي ، ٢ ـ وبشر بن وليد الكندي ، ٣ ـ وعليّ بن أبي مقاتل ،
__________________
١ ـ تاريخ الطبري : ج ٧، ص ١٩٨ و١٩٩و ٢٠٠، حوادث سنة ٢١٨.