المخلوق من تعلّق النّزول به ونهي النّبي عن العجلة بقراءته ، والدّعوة إلى الاتيان بمثله ، وأنّ له أماماً وخلفاً ، إلى غير ذلك.
٣ ـ إنّ الرِّسالة كشفت القناع عن السّبب الّذي أدخل هذه المسألة في أوساط المسلمين ، وقال : « إنّ القائلين بقدم القرآن يضاهئون قول النّصارى في أنّ المسيح كلمة وليس بمخلوق » ، وهو يعرب عن أنّ الفكرة دخلت إلى أوساط المسلمين بسبب احتكاك المسلمين بهم. وما يقال من أنّ اليهود هم المصدر لدخول هذه الفكرة بينهم غير تامّ والمأمون أعرف بمصدر هذه الفكرة.
٤ ـ لو صحّ ما ذكره الطّبري من صورة المحاورة الّتي دارت بين رئيس الشّرطة والمحدِّثين ، فإنّه يكشف عن جمود المجيبين وعيّهم في الجواب ، فإنّهم اتّفقوا على أنّ القرآن ليس بخالق ، ولكنّهم امتنعوا عن الاعتراف بأنّه مخلوق ، وبالتّالي جعلوا واسطة بين الخالق والمخلوق أو بين النّفي والاثبات ، وهو كما ترى.
ولو كان عذرهم في عدم الاعتراف بأنّ القرآن مخلوق ، هو الخوف من أن يكون هذا الاعتراف ذريعة للملاحدة حتّى ينسبوا إلى المسلمين بأنّهم يقولون إنّ القرآن مخلوق أي مختلق ومزوّر أو مخلوق للبشر ، فيمكن التخلّص منه بالتّصريح بأنّه مخلوق لله سبحانه لاغير ، والله هو خالقه وجاعله ليس غير.
٥ ـ لا شكّ أنّ عمل الخليفة كان أشبه بعمل محاكم التّفتيش في القرون الوسطى حيث كان البابا والبطارقة والقساوسة ، يتحرّون عقائد الناس لا سيّما المكتشفين أمثال غاليلو ، وكان ذلك وصمة عار على حياة الخليفة وبالتّالي على المعتزلة الّذين كان الخليفة يلعب بحبالهم ، ويلحقهم وزر أعماله ، وما يترك في المجتمع من ردّ فعل سيّىء. ومن المعلوم أنّ أخذ الاعتراف بكون القرآن مخلوقاً في جوّ رهيب ، لا يوافق تعاليم المعتزلة ، كما لا يوافق تعاليم الإسلام ، على أنّه لا قيمة لهذا الاعتراف عند العقل والنّقل فكيف رضي القوم بهذا العمل.
٦ ـ العجب من تلوّن الخليفة في قضائه في حقّ الممتنعين عن الاعتراف بخلق