وحبس إخوته عند عبيد الله بن السريّ خليفة صاحب الشرطة » (١).
والظّاهر من الخطيب في تاريخه أنّ عزل محمّد بن أحمد كان يوم الأربعاء بعشر بقين من صفر سنة ٢٤٠ وصُدرت أمواله ، ومات أبو الوليد محمّد بن أحمد ببغداد في ذي القعدة سنة ٢٤٠ ومات أبوه أحمد بعده بعشرين يوماً (٢).
ثمّ إنّ إبعاد المعتزلة عن ساحة القدرة فسح للشعب إظهار حقده وإبداء كامل غيظه في مناسبات شتّى. منها ما عرفت عند إنزال جثّة أحمد بن نصر ، ومنها ما فعلوه في تشييع جنازة أحمد بن حنبل ، فقد شيّعه جماعة كثيرة وإن غالى ابن الجوزي ـ كما هو شأنه ـ في حقِّ إمامه وقال : « وعن بعض الشهود أنّه مكث طول الأسبوع رجاء أن يصل إلى القبر فلم يتمكّن إلاّ بشقِّ النّفس لكثرة ازدحام النّاس عليه » (٣). وأخذ الشعراء يهجون المعتزلة. يقول شاعرهم :
أفلت سعود نجومك
ابن دؤاد |
|
و بدتْ نحوسك في
جميع إياد |
فرحت بمصرعك
البريّة كلّها |
|
من كان منها
موقتاً بمعاد |
كم من كريمة معشر
أرملتَها |
|
ومحدِّث أوثقتَ
بالأقياد |
كم مجلس لله قد
عطّلتَه |
|
كيلا يحدّث فيه
بالاسناد |
كم من مساجد قد
منعتَ قضاتها |
|
من أن يعدّل شاهد
برشاد |
كم من مصابيح لها
أطفأتها |
|
كيما تزلّ عن
الطّريق الهادي (٤) |
وأخذ أهل الحديث يجلسون في المساجد ويروون الأحاديث ضدّ الاعتزال ويكفّرون المعتزلة. سأل أحدهم أحمد بن حنبل عمّن يقول إنّ القرآن مخلوق ، فقال : كافر. قال : فابن دؤاد؟ قال كافر بالله العظيم (٥).
__________________
١ ـ تاريخ الطبري : ج ٧، حوادث سنة ٢٣٧، ص ٣٦٧ ـ ٣٦٨.
٢ ـ تاريخ بغداد : ج ١، ص ٢٩٨، ولاحظ الكامل لابن الاثير ج ٥، حوادث سنة ٢٤٠، ص ٢٩٤.
٣ ـ مناقب الامام أحمد : ص ٤١٨.
٤ ـ تاريخ بغداد : ج ٤، ص ١٥٥.
٥ ـ تاريخ بغداد : ج ٣، ص ٢٨٥.