وليس هذا الشاعر وحيداً في هذا المجال. بل الحنابلة يتشدّقون بالتجسيم ويفتخرون به بلا مبالاة وإليك القصيدة التالية الّتي نظمها حنبلي آخر أيّام محنة ابن حنبل في السجن :
علا في السماوات العلى فوق عرشه |
|
إلى خلقه في البرّ والبحر ينظر |
يداه بنا مبسوطتان كلاهما |
|
يسحّان والأيدي من الخلق تقتر |
نهينا عن التفتيش والبحث رحمة |
|
لنا وطريق البحث يردي ويخسر |
ولم نر كالتسليم حرزاً وموئلا |
|
لمن كان يرجو أن يثاب ويحذر |
وإنّ وليّ الله في دار خلده |
|
إلى ربِّه ذي الكبرياء سينظر |
ولم يحمد الله الجدال وأهله |
|
وكان رسول الله عن ذاك يزجر |
وسنّتنا ترك الكلام وأهله |
|
ومن دينه تشديقه والتقعّر (١) |
ومن أراد أن يقف على كلمات هؤلاء حول التجسيم والتشبيه فعليه بمراجعة كتاب « علاقة الاثبات والتفويض » تأليف رضا بن نعسان معطى بتقديم عبد العزيز بن باز.
فقد حشا فيه كلمات أبناء الحنابلة وغيرهم في مجال الصفات ، وادّعى أنّهم يقولون بكونه سبحانه فوق السماوات. وهؤلاء لغاية دفع عار التجسيم يتدرّعون بكلمة بلا كيف وتشبيه ، وهو بلا شبهة واجهة اتّخذتها أبناء التجسيم لستر ما يعاب بهم.
وهذه التوالي وليدة إقصاء العقل عن ساحة العقائد ، وإحلال النقل على وجه الاطلاق مكانه ، وإلاّ فالنقل الصحيح لا يكافح العقل أبداً.
تم الكلام في الماتريدية
والحمد لله ربّ العالمين.
____________
١ ـ مناقب الإمام أحمد بن حنبل لأبي الفرج ابن الجوزي ص ٤٢٥ ـ ٤٢٦ ط مصر ، الطبعة الأولى.