١
الماتريدية
قد تعرّفت على جذور الاختلاف في عصر الرّسالة وبعدها ، كما تعرّفت على حوافز الاختلاف ودوافعه في عصر الخلفاء ، وخرجنا بالنّتيجة التالية وهي : أنّ أهل البحث والنّقاش من المسلمين قد تفرّقوا على فرقتين مختلفتين في كثير من المبادئ والاُصول وإن اشتركتا في كثير منها أيضاً :
١ ـ فرقة أهل الحديث الّتي يعبّر عنها بالحشويّة تارة ، والحنابلة اُخرى ، والسلفيّة ثالثة وكانوا يتّسمون بسمة الاقتفاء لكتاب الله ، وسنّة رسوله ، ولا يقيمون للعقل والبرهان وزناً ، كما لا يتفحّصون عن مصادر الحديث تفحّصاً يكشف عن صحته ، بل ويقبلون كلّ حديث وصل إليهم عن كل من هبّ ودب ، ويجعلون في حزمتهم كلّ رطب ويابس ، ولأجل هذا التّساهل ظهرت فيهم آراء وعقائد تشبه آراء أهل الكتاب ، كالتشبيه ، والتجسيم ، والجبر ، وسيادة القضاء والقدر على الإنسان كإله حاكم ، لا يُغيّر ولا يُبدّل ، ولا يقدر الإنسان على تغيير مصيره إلى غير ذلك من البدع ولا يقصر عمّا ذكرناه القول بالرؤية تبعاً للعهدين ، وكون القرآن قديماً غير مخلوق ، مضاهياً لقول اليهود بقدم التّوراة ، أو النّصارى بقدم المسيح ، وقد أوضحنا الحال في هذه المباحث في الجزأين الماضيين.
٢ ـ فرقة المعتزلة التي تعتمد على العقل أكثر مما يستحقّه ، وتزعم أنّ ظواهر بعض