أفي مثله يتوقّف الإنسان المنصف في الحكم بإيمانه؟
فإن كنت لاتدري فتلك مصيبة |
|
وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم |
إذا عرفت هذا فلنرجع إلى تبيين حقيقة الإيمان وتحديده لغةً وكتاباً وسنّةً.
آراء ونظريات حول الإيمان :
اختلف العلماء في ماهيّة الإيمان ولهم أقوال أربعة نعرضها مع التحليل :
١ ـ الايمان هو معرفة الله بالقلب فقط ، وإن أظهر اليهوديّة ، والنصرانية ، وسائر أنواع الكفر بلسانه ، فإذا عرف الله بقلبه فهو مؤمن. نسب إلى الجهم بن صفوان وغيره.
٢ ـ إنّ الايمان هو إقرار باللّسان بالله تعالى وشريعته ، وإن اعتقد الكفر بقلبه ، فإذا فعل ذلك فهو مؤمن ، وهو قول محمد بن كرّام السجستاني.
٣ ـ الإيمان معرفة بالقلب ، وإقرار باللسان ، وأنّ الأعمال ليست إيماناً ، ولكنّها شرائع الايمان ، وهو قول جماعة من الفقهاء وهو الأقوى كما سيوافيك.
٤ ـ الايمان هو المعرفة بالقلب ، والإقرار باللسان ، والعمل بالجوارح ، وأنّ كلّ طاعة واجبة ، بل الأعمّ منها ومن النافلة فهي إيمان وكلّما ازداد الإنسان عملاً إزداد ايماناً ، وكلّما نقص نقص إيمانه (١).
وإليك تحليل الآراء والأقوال :
إنّ الإيمان لغة هو التصديق ، وهو على وزن « إفعال » من الأمن بمعنى سكون النفس واطمئنانها لعدم وجود سبب الخوف ، فحقيقة قوله « آمن به » : أذعن به ، وسكنت نفسه ، واطمأنّت بقبوله فيؤول « الباء » في الحقيقة إلى السببية ، وهو تارة يتعدّى
__________________
١ ـ الفصل ج ٣ ص ١٨٨، ونسب إلى محمد بن زياد الحريري الكوفي قول خامس ساقط جداً ، ومن شاء فليرجع إليه.