الإسلام فإنّه عندهم مسلم محكوم له بحكم الإسلام.
أضف إليه قول رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في السوداء « اعتقها فإنّها مؤمنة » (١)
يلاحظ عليه : أنّ الحكم لهم بالايمان كان بحسب الظّاهر لا الحكم بأنّه مؤمن عند الله واقعاً ، ولذلك لو علم عدم مطابقة اللّسان مع الجنان يحكم عليه بالنفاق. قال سبحانه : ( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللّهِ وبِاليَوْمِ الآخِرِ ومَا هُمْ بِمُؤمِنِينَ ) ( البقرة / ٨ ). ولمّا كان الرسول وأصحابه مأمورين بالحكم بحسب الظاهر قال رسول اللّهصلىاللهعليهوآلهوسلم : « أُمرت أن اُقاتل الناس حتّى يشهدوا أن لا إله الاّ الله ويؤمنوا بما اُرسلت به ، فإذا عصموا منّي دماءُهم وأموالهم إلاّ بحقّها ، وحسابهم على الله » وبذلك يظهر وجه حكمه صلىاللهعليهوآلهوسلم في السوداء « بأنّها مؤمنة ».
روى ابن حزم عن خالد بن الوليد أنّه قال : ربّ رجل يقول بلسانه ما ليس في قلبه ، فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : إنّي لم اُبعث لأشقّ عن قلوب الناس.
إلى هنا تبيّن فساد القولين الأوّلين ، وأنّ الحقّ هو القول الثالث ، وعرفت الأثر المترتّب عليه ، إنّما المهم هو نقد القول الرابع الّذي يجعل العمل جزءاً من الإيمان وإليك البحثفيه :
ليس العمل جزءاً من الايمان :
إذا كانت المرجئة في جانب التّفريط ، فالخوارج المكفّرة لمرتكبي الكبائر ، والمعتزلة القائلة بأنّ من فقد العمل ، فهو في منزلة بين المنزلتين ، لا مؤمن ولا كافر ، في جانب الإفراط. فإنّ الذكر الحكيم ـ مع الدعوة المؤكّدة إلى العمل ـ لايرى العمل جزءاً من الإيمان بل يعطفه عليه ، ويراه كمالاً له ، لا عنصراً دخيلاً فيه. ويكفي في ذلك الآيات التالية :
__________________
١ ـ نفس المصدر ، ص ٢٠٦.