والمراد من الدّين ، هو الإسلام لقوله سبحانه ( إنّ الدِّينَ عِنْدَ اللّهِ الإسلام ) ( آل عمران / ١٩ ).
وعلى ضوء هذا ، فالعبادات داخلة في الدّين حسب الآية الاُولى ، والمراد من الدين هو الإسلام حسب الآية الثانية ، فيثبت أنّ العبادات داخلة في الإسلام ، وقد دلّ الدّليل على وحدة الإسلام والإيمان وذلك بوجوه :
الف ـ الإسلام هو المبتغى لقوله : ( وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ ) ( آلعمران / ٨٥ ) والايمان أيضاً هو المبتغى ، فيكون الإسلام والايمان متّحدين.
ب ـ قوله سبحانه : ( يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إسْلامَكُمْ بَلِ اللّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ للإيمانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ) ( الحجرات / ١٧ ) فجعل الاسلام مرادفاً للايمان.
ج ـ قوله سبحانه : ( فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ المؤْمِنِينَ * فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْت مِنَ المُسْلِمِينَ ) ( الذاريات / ٣٥ ـ ٣٦ ) وقد اُريد من المؤمنين والمسلمين معنى واحداً ، فهذه الآيات تدل على وحدة الإسلام والايمان. فإذا كانت الطّاعات داخلة في الإسلام فتكون داخلة في الإيمان أيضاً لحديث الوحدة (١).
يلاحظ عليه أوّلاً : أنّه من المحتمل قوياً أن يكون المشار إليه في قوله ( وذلك دين القيّمة ) هو الجملة الاُولى بعد « إلاّ » أعني ( ليعبدوا الله مخلصين له الدّين ) لا جميع ما وقع بعدها من إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة ، والمراد من قوله ( ليعبدوا الله مخلصين له الدين ) هو إخلاص العبادة لله ، كإخلاص الطّاعة (٢) له ، والشّاهد على ذلك قوله سبحانه : ( فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللّهِ الَّتِي فَطَرَ الناسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللّهِ ذِلِكَ الدّينُ القَيِّمُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النّاسِ لا يَعْلَمُونَ ) ( الروم / ٣٠ ). فإنّ وزان قوله ( ذلك الدّين القيّم ) وزان قوله ( ذلك دين القيّمة ) والمشار إليه في الجملة الاُولى هو
__________________
١ ـ الفصل : ج ٣ ص ٢٣٤، والبحار : ج ٦٦ ص ١٦ ـ ١٧.
٢ ـ المراد من الدين في قوله « مخلصين له الدين » هو الطاعة.