الدّين الحنيف الخالص عن الشرك ، بإخلاص العبادة والطّاعة له سبحانه.
ثانياً : يمنع كون العبادات داخلة في الإسلام حتّى في قوله سبحانه : ( إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللّهِ الإسلام ) وقوله تعالى : ( وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإسلامِ دِيناً ... ) لأنّ المراد منه هو التّسليم أمام الله وتشريعاته ، بإخلاص العبادة والطّاعة له في مقام العمل دون غيره من الأوثان والأصنام ، وبهذا المعنى سمّي إبراهيم « مسلماً » في قوله تعالى : ( مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيّاً ولانَصْرانِياً وَلكِنْ حَنِيفاً مُسْلِماً ومَا كَانَ مِنَ المُشْرِكِينَ ) ( آل عمران / ٦٧ ) وبهذا المعنى طلب يوسف من ربّه أن يميته مسلماً قال سبحانه حكاية عنه : ( تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بِالصّالِحِينَ ) ( يوسف / ١٠١ ) إلى غير ذلك من الآيات الواردة حول إخلاص العبادة له ، والتجنّب من الشّرك ، فلو فرض أنّ العبادة داخلة في مفهوم الدّين ، فلا دليل على دخولها في مفهوم الإسلام.
ثالثاً : نمنع كون الإسلام والايمان بمعنى واحد ، فالظّاهر من الذّكر الحكيم اختلافهما مفهوماً. قال سبحانه : ( قَالَتِ الأعْرَابُ آمَنّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلِكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا ولمّا يَدْخُلِ الإيمَانُ فِي قُلوبِكُمْ ) ( الحجرات / ١٣ ) فلو استعمل الإسلام أو المسلمين وأُريد منهما الإيمان والمؤمنين في مورد أو موردين ، فهو لوجود قرينة تدلّ على أنّ المراد من العامّ هو الخاصّ.
إلى غير ذلك من الآيات الّتي جمعها ابن حزم في « الفصل » (١) ولا دلالة فيها على ما يرتئيه ، والإستدلال بهذه الآيات يدلّ على أنّ الرّجل ظاهريّ المذهب إلى النّهاية يتعبّد بحرفيّة الظواهر ، ولا يتأمّل في القرائن الحافّة بالكلام وأسباب النّزول.
نعم هناك روايات عن أئمّة أهل البيت عليهمالسلام تعرب عن كون العمل جزءاً من الإيمان وإليك بعضها :
١ ـ روى الكراجكي عن الصّادق أنّه قال : « ملعون ملعون من قال : الإيمان قول
__________________
١ ـ الفصل : بكسر الفاء وفتح الصاد بمعنى النخلة المنقولة من محلّها الى محلّ آخر لتثمر ، كقصعة وقصع.