نوعين مختلفين متباينين في مقام الثبوت فلا تصل النوبة إلى ما ذكروه بالنسبة إلى مقام السقوط ، فتأمّل.
فالحقّ القول بالتعيين لما عرفت من الإشكال في جريان عدم البراءة هنا وعدم الأمن عن العذاب.
بقي هنا شيء :
وهو أنّه قد يقال في مسألة دوران الأمر بين الوجوب والحرمة بترجيح جانب الحرمة ، لتقديم العقل والعقلاء دفع المفسدة على جلب المنفعة عند دوران الأمر بينهما ، ولا إشكال في أنّ الحرام مشتمل على المفسدة والواجب مشتمل على المصلحة والمنفعة.
ولكنّه غير تامّ صغرى وكبرى : أمّا الكبرى : فلانّ حكم العقل بتقديم المصلحة مجرّد دعوى بلا دليل ، والملاك في تقديم أحد الجانبين على الآخر عند العقلاء إنّما هو كون الشيء أهمّ فإنّهم بعد ملاحظة الملاكين ثمّ بعد الكسر والإنكسار يقدّمون الأهمّ على المهمّ سواء كان الأهمّ من قبيل المصلحة أو من قبيل المفسدة كما أنّ بناءهم على التساوي والتخيير عند تساوي الملاكين.
وأمّا الصغرى : فلأنّ الموجود في جانب الواجب ليس هو مجرّد المصلحة حتّى يترتّب على تركه خصوص فقدان المصلحة فحسب بل ترك المصلحة الملزمة يلازم المفسدة كما يحكم به الوجدان في مثل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والمفاسد التي تترتّب على تركهما ، إلى غير ذلك من أشباههما.
إلى هنا تمّ الكلام في أصالة التخيير ، والحمد لله ربّ العالمين.