العناوين العامّة من دون أن يقيّد بقيد أصلاً ، فلو اريد من الانحلال رجوع كلّ خطاب عام إلى خطابات بعدد المكلّفين حتّى يكون كلّ مكلّف مخصوصاً بخطاب خاصّ به وتكليف مستقلّ متوجّه إليه فهو ضروري البطلان فإنّ قوله تعالى : ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) خطاب واحد لعموم المؤمنين ، أي الخطاب واحد والمخاطب كثير ، كما أنّ الإخبار « بأنّ كلّ نار حارة » إخبار واحد والمخبر عنه كثير ، فلو قال أحد : « كلّ نار بارد » فلم يكذب إلاّكذبة واحدة لا أكاذيب متعدّدة حسب أفراد النار ، فلو قال : « ولا تقربوا الزنا » فهو خطاب واحد متوجّه إلى كلّ مكلّف ، ويكون الزنا تمام الموضوع للحرمة ، والمكلّف تمام الموضوع لتوجّه الخطاب إليه ، وهذا الخطاب الوحداني يكون حجّة على كلّ مكلّف من غير إنشاء تكاليف مستقلّة أو توجّه خطابات عديدة ، لست أقول : إنّ المنشأ تكليف واحد لمجموع المكلّفين فإنّه ضروري الفساد ، بل أقول : إنّ الخطاب واحد والإنشاء واحد والمنشأ هو حرمة الزنا على كلّ مكلّف من غير توجّه خطاب خاصّ أو تكليف خاصّ مستقلّ إلى كلّ واحد ، ولا إشكال في عدم استهجان الخطاب العمومي.
ثمّ رتّب على القول بالانحلال توالي فاسدة :
منها : عدم صحّة خطاب العصاة من المژسلمين لأنّ خطاب من لا ينبعث به قبيح أو غير ممكن.
ومنها : عدم صحّة تكليف الكفّار بالاصول والفروع بنفس الملاك.
ومنها : قبح تكليف صاحب المروّة بستر العورة مثلاً فإنّ الدواعي مصروفة عن كشف العورة فلا يصحّ الخطاب.
ومنها : أنّه يلزم على الانحلال وكون الخطاب شخصياً عدم وجوب الاحتياط عند الشكّ في القدرة لكونه شكّاً في تحقّق ما هو جزء للموضوع ، وهو خلاف السيرة الموجودة بين الفقهاء من لزوم الاحتياط عند الشّك في القدرة.
ومنها : لزوم الالتزام بأنّ الخطابات والأحكام الوضعيّة مختصّة بما هو محلّ الابتلاء لأنّ جعل الحكم الوضعي إن كان تبعاً للتكليف فواضح ، ومع عدم التبعية والاستقلال بالجعل فالجعل إنّما هو بلحاظ الآثار ، ومع الخروج عن محلّ الابتلاء لا يترتّب عليها آثار فلابدّ من الالتزام بأنّ النجاسة والحلّية وغيرهما من الوضعيّات من الامور النسبيّة بلحاظ المكلّفين ،