من قبيل الطيران في الهواء.
٤ ـ احتمال إنقداح الإراة في العبد ، فلو كان متعلّق التكليف ممّا لا يريده العبد أبداً ويكون متروكاً له بحيث لا ينقدح في نفسه داعٍ إليه كان النهي عنه مستهجناً عرفاً وتحصيلاً للحاصل.
وفي ما نحن فيه وإن كانت الشرائط الثلاثة الاولى حاصلة إلاّ أنّ الشرط الأخير غير موجود لأنّه بعد فرض خروج أحد الأطراف عن ابتلاء المكلّف لا ينقدح في نفسه داعٍ إليه فلا حاجة إلى نهيه وزجره ولا يكون التكليف بالنسبة إليه فعليّاً فيكون الشكّ بالنسبة إلى الطرف الآخر بدويّاً.
وإن شئت قلت : يجري الأصل المؤمن في الطرف المبتلى به من دون معارض نظير الشبهات البدوية بعينها ، ولا يخفى الفرق بين ما إذا خرج المورد عن الابتلاء قبل حصول العلم الإجمالي وما إذا خرج بعده ، حيث إنّه في القسم الثاني قد جرى الأصل في كلّ من الطرفين قبل حصول العلم الإجمالي وتساقط الأصلان أو لم تجر الاصول فيها للتناقض في مدلولها ( على اختلاف القولين في المسألة ) ولا معنى لجريانه ثانياً بعد الخروج عن الابتلاء فيجب حينئذٍ الإجتناب عن الطرف المبتلى به.
ثمّ إنّه قد يتمسّك لعدم وجوب الاحتياط في المقام برواية علي بن جعفر الواردة في دم الرعاف وسيأتي عدم تماميتها.
وينبغي هنا ذكر ما ورد في تهذيب الاصول من مخالفته لجميع المتأخّرين في هذه المسألة والقول بعدم تأثير الخروج عن محلّ الابتلاء في عدم تنجّز العلم الإجمالي ، وإن سبق ذكره في بعض الأبحاث السابقة بمناسبة اخرى.
وحاصل بيانه : إنّ الخطابات على قسمين : خطاب قانوني عام ، وخطاب شخصي خاص ، وقد وقع الخلط بين الخطابات الكلّية المتوجّهة إلى عامّة المكلّفين والخطابات الشخصيّة إلى آحادهم فإنّ الخطاب الشخصي إلى خصوص العاجز وغير المتمكّن وغير المبتلى مثلاً مستهجن ولكن الخطاب الكلّي إلى المكلّفين المختلفين حسب الحالات والعوارض ممّا لا استهجان فيه لكفاية ، انبعاث عدد معتدّ به من المكلّفين فيه.
إن قلت : أليست الخطابات منحلّة ومتعدّدة بتعدّد الشخاص؟
قلنا : ليس هنا الإرادة واحدة تشريعيّة متعلّقة بخطاب واحد وليس الموضوع إلاّ أحد