على طهارته لاستصحاب الطهارة ، وبقاء الثوب على نجاسته لاستصحاب النجاسة مع القطع باتّحادهما واقعاً أمّا في الطهارة أو في النجاسة.
إن قلت : إنّ الملاقاة بمنزلة تقسيم ما في أحد المشتبهين وجعله في إنائين فتّتسع دائرة الملاقى ، فالملاقي والملاقى معاً طرف واحد للعلم الإجمالي ، والإناء الآخر طرف آخر له ، فيجب الاجتناب عن مجموع الثلاثة.
قلنا : المفروض ـ كما قلنا ـ حصول الملاقاة بعد حصول العلم الإجمالي وتعارض الاصول في الأطراف ، ومعه كيف يصير الملاقي جزءً لأحد الأطراف مع أنّه قد مرّ سابقاً أنّ الاصول تدخل في مجال التعارض مرّة واحدة فيبقى الأصل الجاري في الملاقي بلا معارض؟
إن قلت : إنّ مسألة الاجتناب عن الملاقي يعدّ عرفاً من شؤون الاجتناب عن الملاقى ، وليس تكليفاً جديداً ، وليس وجوب الاجتناب عن الملاقي لأجل تعبّد آخر وراء التعبّد بوجوب الاجتناب عن الملاقى ، أي يدلّ نفس دليل وجوب الاجتناب عن النجس ( « والرجز فاهجر » أو « اجتنب عن النجس » ) على الاجتناب عنه وعن ملاقيه بوزان واحد فلو كان الملاقى هو النجس الواقعي توقّف العلم بهجره على الاجتناب عنه وعن ملاقيه ، كما يتوقّف العلم بإمتثال خطاب « اجتنب عن النجس » على الاجتناب عن طرف الملاقي أيضاً ، بداهة الفراغ اليقيني عن وجوب الاجتناب عن النجس المعلوم المردّد لا يحصل إلاّبذلك.
قلنا : هذه دعوى بلا دليل لأنّ الملاقي ( على فرض تنجّسه كما في النجس المعلوم تفصيلاً ) موضوع جديد للجنس ، وله حكم جديد ، ولشربه معصية جديدة ، فيعدّ شرب الملاقي والملاقى معاً معصيتين لا معصية واحدة ، كما هو الظاهر من بعض الروايات كما أفاد به في تهذيب الاصول ، حيث قال : ويمكن الاستدلال على القول المشهور ( إنّ وجوب الإجتناب عن الملاقي مجعول مستقلاً ) بمفهوم قوله عليهالسلام : « إذا بلغ الماء قدر كرّ لم ينجّسه شيء » ، فإنّ مفهومه إنّ الماء إذا لم يبلغ حدّ الكرّ ينجّسه بعض النجاسات ، أي يجعله نجساً ومصداقاً مستقلاً منه ، وظاهره أنّ الأعيان النجسة واسطة لثبوت النجاسة للماء فيصير الماء لأجل الملاقاة للنجس فرداً من النجس مختصّاً بالجعل (١).
__________________
(١) تهذيب الاصول : ج ٢ ، ص ٢٩٨ ، طبع جماعة المدرّسين.