ومن هنا يظهر الإشكال في كلمات الأعلام الثلاثة :
أمّا المحقّق الخراساني رحمهالله فيرد عليه أنّ المقيّد والفاقد للقيد إنّما يكونان من المتباينين فيما إذا كانا من قبيل الماهيّة بشرط شيء والماهيّة بشرط لا ، مع أنّ مطلق الرقبة والرقبة المؤمنة مثلاً يكونان من قبيل الماهيّة بشرط شيء والماهيّة لا بشرط ، وإلاّ يلزم أن يكون الفاقد للجزء والواجد له أيضاً من المتباينين وأن تكون الصّلاة بشرط الجزء العاشر مباينة للصّلاة بشرط تسعة الاجزاء ، وهذا مخالف لما ذهب إليه نفسه من كونهما من قبيل الأقل والأكثر.
هذا مضافاً إلى أنّ الميزان كما قلنا صدق التباين وعدمه عند العرف ، وكون القيد من القيود المقوّمة وعدم كونه منها في نظر العرف ، فربّ وصف لا يعدّ مقوّماً لموصوفه عرفاً كالقراءة والكتابة في العبد القاري والكاتب فيكون التخلّف فيه من قبيل التخلّف في الوصف موجباً للخيار فقط ، وربّ وصف يعدّ من مقوّمات موصوفه عند العرف كوصف السريريّة والنافذية فيما إذا اشترى شيئاً بعنوان إنّه سرير فتبيّن كونه نافذة. فيكون التخلّف فيه من قبيل التخلّف في العنوان ، الموجب لبطلان المعاملة.
إن قلت : ما هو الضابط في التباين وعدمه وفي المقوّميّة وعدمها عند العرف؟
قلنا : إنّما يرى العرف التباين فيما إذا كانت الآثار المترتّبة متفاوتة مختلفة كالآثار المترتّبة على السرير والنافذة ، وإذا كانت الآثار قريبة كالآثار المترتّبة على العبد الكاتب وغير الكاتب ( حيث إنّهما مشتركان في خدمات كثيرة ) فلا يحكم العرف بالتباين بل يرى التخلّف فيه مجرّد التخلّف في وصف من الأوصاف.
وأمّا ما ذهب إليه في تهذيب الاصول من أنّ متعلّق البعث والزجر إنّما هو الماهيّات والعناوين.
فيرد عليه : إنّه إمّا أن يكون المراد منه الفاظ الماهيّات كلفظ الغنم والشاة ، أو يكون المراد الصور المتصوّرة في الذهن ، والأوّل لا معنى له كما لا يخفى ، والثاني يحتمل فيه وجهان :
أحدهما : أن يكون المقصود الصور الذهنيّة بما هى صور ذهنيّة ، والثانية : الصور الذهنيّة بما هى مشيرة إلى الخارج ، والأوّل أيضاً لا يمكن أن يكون متعلّقاً للأمر والنهي قطعاً ، فيتعيّن أن يكون المتعلّق العناوين بما هى مشيرة إلى الخارج ، وهذا يرجع في الحقيقة إلى كون المتعلّق هو الخارج لا الماهية والعنوان ، وأمّا تعلّقهما ابتداءً بالعنوان فلأجل العبور إلى الخارج.