وأمّا عدم وجود حقّ الشفعة فيما إذا كان الشركاء أكثر من اثنين فلأنّ وجود فرد ثالث في البين يوجب سهولة الأمر ، وإن أبيت عن هذا فنلتزم باستثناء هذا المورد تعبّداً ولأجل مصلحة خفيت علينا.
الوجه الثاني : أنّ مفاد لا ضرر إنّما هو نفي الحكم الضرري أو نفي الموضوع الضرري ، مع أنّ الضرر في مورد ثبوت حقّ الشفعة موجب لإثبات الحكم ، وهو الخيار (١).
والجواب عنه : أنّ كون مفاد لا ضرر خصوص نفي الحكم الضرري أوّل الكلام ، بل يمكن أن تكون هذه الرواية ( رواية الشفعة ) بنفسها دليلاً على عموم مفاد القاعدة وبطلان المبنى المذكور ، لا أن يكون المبنى دليلاً على اختصاصها بنفي الحكم.
هذا ـ مضافاً إلى أنّ قضيّة سمرة أيضاً تشهد على عمومها لأنّ وجوب الاستئذان وكذلك وجوب قلع الشجرة أو جوازه حكم إثباتي.
الوجه الثالث : « أنّ الضرر لا ينطبق على منع المالك فضل ماله عن الغير ( بالنسبة إلى حديث منع فضل الماء ) إذ من الواضح أنّ منع المالك غيره عن الانتفاع بماله لا يعدّ ضرراً على الغير ، غايته عدم الانتفاع به ، وعدم الانتفاع لا يعدّ ضرراً » (٢).
الوجه الرابع : « أنّ النهي في مورد حديث منع فضل الماء تنزيهي قطعاً لعدم حرمة منع فضل الماء عن الغير بالضرورة فلا يندرج تحت كبرى قاعدة لا ضرر » (٣).
والجواب عنهما : أنّ حكم الرسول صلىاللهعليهوآله بعدم منع فضل الماء يكون مورده بقرينة مكان الصدور ( وهو مناطق الحجاز التي كان تحصيل الماء فيها على الإنسان شاقّاً جدّاً ) ما إذا كان الممنوع في حاجة شديدة ويشقّ عليه تحصيل ماء آخر بحيث يوجب من فضل الماء وقوعه في حرج شديد وضيق في المعيشة ، وفي مثل هذا المورد ليس المنع من فضل الماء مجرّد عدم الانتفاع بل يصدق عليه الضرر قطعاً ، كما أنّه لا يبعد فيه الحكم بحرمة المنع بمقتضى ظاهر الرواية كما أفتى به جماعة من الفقهاء كالشيخ الطوسي وابن جنيد وابن زهرة رحمهالله ، وهذا نظير ما
__________________
(١) راجع مصباح الاصول : ج ٢ ، ص ٥٢١ ، طبع مكتبة الداوري.
(٢) المصدر السابق : ج ٢ ، ص ٥٢١ ـ ٥٢٢ ، طبع مكتبة الداوري.
(٣) المصدر السابق : ص ٥٢٢ ، وراجع رسالة النائيني رحمهالله في لا ضرر ( المطبوعة في منية الطالب : ج ٢ ، ص ١٩٥ ).