القدرة إلى الوجود والعدم سواء ، فكما يستند الضرر الناشىء من جعل شيء إليه كذلك يستند إليه الضرر الناشىء من عدم جعل شيء ( كعدم جعل الضمان في حبس الحرّ الكسوب ).
هذا بناءً على مختار الشيخ رحمهالله ، كذلك بناءً على المختار ، فكما أنّ إقدام المكلّفين بعمل ضرري ينفى بالقاعدة ، كذلك عدم إقدامهم وعدم تداركهم ربّما يوجب الاضرار ويصحّح استناده إليهم فينفى بالقاعدة.
ومنها : لو سلّمنا كون موارد الأحاديث اموراً وجوديّة ، لكن العرف يلغي الخصوصيّة عن الوجود ، ويحكم بعدم الفرق بين ما إذا أوجب فعلك الضرر بالغير ، وما إذا أوجب عدم فعلك وعدم إقدامك بفعلٍ ، الضرر.
ومنها : وجود الملازمة بين العدم والوجود في كثير من الموارد ، ففي مثال الطلاق لازم عدم حكم الشارع بجواز الطلاق هو دوام الزوجية ، ولا يخفى أنّه أمر وجودي موجب للضرر ، نعم هذا الوجه أخصّ من المدّعى.
ثمّ إنّه لا تخفى الثمرة العمليّة لهذا البحث خصوصاً في الحكومة الإسلاميّة ليومنا هذا ، حيث إنّ القول بالتعميم يوجب بسط يد الحاكم في دائر العدميّات أيضاً إذا كانت منشأً للضرر ومصداقاً له ، الأمر الذي تحلّ به جمّ غفير من المشاكل الحكومية خلافاً لما إذا قلنا بعدمه.
وأمّا ما أفاده الشيخ الأعظم رحمهالله من لزوم فقه جديد فهو ممنوع جدّاً ، لأنّ الالتزام بوجوب الغرامة للحرّ الكسوب وجواز الطلاق في الأمثلة المذكورة ليس أمراً غريباً ، وإن لم يرد في كلمات المشهور.
وأمّا ما ذكره من تدارك الضرر الذي ليس من ناحية أحكام الشرع ولا من ناحية المكلّفين بعضهم ببعض من بيت المال فالإنصاف أنّه لا دخل له بما نحن فيه ، لأنّه إذا لم يكن الضرر مستنداً إلى الشارع ولا إلى المكلّفين بعضهم ببعض فلماذا يجبر من بيت المال أو من مال اناس آخرين؟ فإنّه من قبيل إقدام الإنسان على ضرر نفسه ، ولا ربط له بقاعدة لا ضرر كما لا يخفى.