الصادر حال الجهل غير مشمول لدليل لا ضرر ، لا يكفي في الحكم بصحّته ، بل إثبات صحّته يحتاج إلى دليل من عموم أو اطلاق يشمله.
( فوقع في تكلّف شديد لإثبات ذلك الدليل ، وذكر له وجهين فراجع ).
أمّا عن الثاني فبأنّ الدليل لثبوت خيار الغبن والعيب ليس قاعدة نفي الضرر ، بل الدليل على ثبوت خيار الغبن تخلّف الشرط الإرتكازي ، باعتبار أنّ بناء العقلاء على التحفّظ بالماليّة عند تبديل الصور الشخصيّة ، فهذا شرط ضمني إرتكازي ، وبتخلّفه يثبت خيار تخلّف الشرط ، وعليه فيكون الإقدام من المغبون مع علمه بالغبن إسقاطاً للشرط المذكور فلا إشكال فيه ، وأمّا خيار العيب فإن كان الدليل عليه هو تخلّف الشرط الضمني ، بتقريب أنّ المعاملات العقلائيّة مبنية على أصالة السلامة في العوضين ، فإذا ظهر العيب كان له خيار تخلّف الشرط فيجري فيه الكلام السابق في خيار الغبن ، وإن كان الدليل عليه الأخبار الخاصّة كما أنّ الأمر كذلك فالأمر أوضح ، لتقييد الخيار في الأخبار بصورة الجهل بالعيب (١).
أقول : لنا في المقام نكتتان :
الاولى : ( بالنسبة إلى النقض الأوّل وهو العبادات الضرريّة ) : إنّ الحقّ ( كما أفاده دام ظلّه ) عدم شمول قاعدة لا ضرر مثل الطهارة المائيّة الضرريّة الصادرة حال الجهل لأنّها وردت في مقام الامتنان ، ولكن يكفي لإثبات صحّة الوضوء الضرري إطلاقات أدلّة الوضوء بعد رفع المانع ، والعجب منه أنّه كيف لم يتعرّض لهذا المعنى ، ووقع لإثبات دليل على الصحّة في حيص وبيص ، مع أنّه إذا رفع المانع أمام الإطلاقات فهى تؤثّر أثرها وهو إثبات صحّة العمل المأتي به بقصد إمتثالها.
الثانية : ( بالنسبة إلى خيار الغبن ) : الصحيح أنّ الدليل لثبوت خيار الغبن إنّما هو قاعدة لا ضرر والإرتكاز المذكور في كلامه بعيد جدّاً ، خصوصاً بعد ملاحظة توسعة نطاقه عندهم بحيث يثبت حتّى إذا كان الغبن بمقدار خمس قيمة المثل ، فإذا إشترى ما كان قيمته ثمانية دراهم بعشرة مثلاً حكم بكونه مغبوناً عندهم فيثبت له خيار الغبن ، فمن البعيد جدّاً أخذ هذا المقدار بعنوان شرط ضمني ( نعم وجود هذا الشرط الضمني واضح في خيار العيب ، فإنّ الإنسان لا
__________________
(١) راجع مصباح الاصول : ج ٢ ، ص ٥٤٣ ـ ٥٤٥.