وهذا الحديث مع عمومه وسلامته عن إشكال خصوصية المورد وسائر الإشكالات الواردة على الروايات السابقة ، أورد عليها أيضاً سنداً ودلالة :
أمّا السند فللقاسم بن يحيى الذي ضعّفه العلاّمة في الخلاصة ، وابن داود في رجاله.
نعم ، يمكن أن يقال : الأصل في هذا القدح ابن الغضائري الذي لا اعتبار بتضعيفاته وإن كان توثيقاته معتبرة ، ولكنّه مع ذلك لم يوثّق ، ولابدّ في تصحيح السند من إثبات الوثاقة.
اللهمّ إلاّ أن يقال : إنّ الناقل عنه أحمد بن محمّد بن عيسى القمّي الذي أخرج أحمد بن محمّد بن خالد البرقي عن قم لنقله عن الضعاف ، ولكنّه أيضاً ليس أكثر من قرينة على الوثاقة لا دليلاً عليها.
وأمّا الدلالة فلأنّ المراد منها غير واضح ، فهل هى تدلّ على قاعدة اليقين أو قاعدة الاستصحاب؟ فلابدّ أوّلاً من بيان الفرق بين القاعدتين ، فنقول : قد مرّ كون زمان الشكّ واليقين في الاستصحاب واحداً ، وزمان متعلّقهما متعدّداً ، وأمّا قاعدة اليقين فيكون ( بالعكس ) زمان المتعلّقين فيها واحداً ، وزمان نفس اليقين والشكّ متعدّداً.
وفي هذا الحديث هناك فقرة منه ( وهى قوله عليهالسلام : « من كان على يقين ثمّ شكّ » ) تناسب قاعدة اليقين ، لأنّها ظاهرة في أنّ الشكّ حصل في زمان آخر غير زمان اليقين وتعلّق بنفس ما تعلّق به اليقين ، وتناسب فقرة اخرى منه الاستصحاب ، وهى قوله عليهالسلام : « إنّ الشكّ لا ينقض اليقين » حيث إنّها ظاهرة في بقاء اليقين حين حصول الشكّ ، ولذلك نهى عن نقضه به ، فالتعليل الوارد في هذا الحديث ظاهر في قاعدة الاستصحاب ، وصدره ظاهر في قاعدة اليقين ، ولا إشكال في أنّ ظهور التعليل مقدّم ، والذي يسهل الخطب هى قرينية سائر الروايات كما لا يخفى.
٥ ـ ما رواه علي بن محمّد القاساني قال : « كتبت إليه وأنا بالمدينة أسأله عن اليوم الذي يشكّ فيه من رمضان هل يصام أم لا؟ فكتب : اليقين لا يدخل فيه الشكّ ، صمّ للرؤية وافطر للرؤية » (١).
__________________
(١) وسائل الشيعة : ج ٧ ، أبواب أحكام شهر رمضان ، الباب ٣ ، ح ١٣.