وقد عدّه الشيخ الأعظم رحمهالله من أحسن روايات الباب ، واختار المحقّق الخراساني والمحقّق النائيني رحمهالله عدم دلالته رأساً ، وذهب جماعة إلى دلالته في الجملة.
فلابدّ حينئذٍ من البحث فيه سنداً ودلالة :
أمّا السند فاختلف في أحمد بن محمّد القاساني ، قال بعض : أنّه متّحد مع أحمد بن محمّد الشيره وهو ثقة ، وقال بعض آخر : أحمد بن محمّد الشيره ثقة والقاساني ضعيف ، فالسند مشترك لا يمكن الاعتماد عليه ، مضافاً إلى إشكال الاضمار.
أمّا الدلالة فالعمدة من الاحتمالات الموجودة فيها إثنان :
أحدهما : ما ذكره الشيخ الأعظم رحمهالله ، وهو أنّ الحديث ناظر إلى الاستصحاب ، والمراد من اليين هو اليقين بشهر شعبان واليقين بشهر رمضان ، والمراد من الشكّ هو الشكّ في شهر رمضان والشكّ في شهر شوّال ، وقوله عليهالسلام « لا يدخل » أي « لا ينقض » ، وقوله عليهالسلام : « صم للرؤية وافطر للرؤية » عبارة اخرى عن قوله عليهالسلام : « انقضه بيقين آخر » في بعض الروايات الاخر.
ثانيهما : ما في أجود التقريرات تبعاً للمحقّق الخراساني رحمهالله : وحاصله أنّ الحديث أجنبي عن الاستصحاب لأنّه لم يعهد أن يكون « لا يدخل » بمعنى لا ينقض ، بل المراد من الحديث قاعدة اليقين في خصوص باب رمضان ، وهو أنّ الشارع إعتبر أن يكون صوم شهر رمضان وإفطاره يقينيين (١).
وقد اعتمد المحقّق الخراساني رحمهالله في هذا على روايات اخرى وردت في الباب وهى كثيرة :
منها : ما رواه الحلبي عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : « إنّه سئل عن الأهلّة فقال هى أهلّة الشهور ، فإذا رأيت الهلال فصم وإذا رأيته فأفطر » (٢).
ومنها : ما رواه محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليهالسلام قال : إذا رأيتم الهلال فصوموا ، وإذا رأيتموه فأفطروا ، وليس بالرأي ولا بالتظنّي ولكن بالرؤية » (٣).
ومنها : ما رواه عمرو بن عثمان والفضل وزيد الشحّام جميعاً عن أبي عبدالله عليهالسلام : « أنّه
__________________
(١) راجع أجود التقريرات : ج ٢ ، ص ٣٧٣ ، طبع مؤسسة مطبوعات ديني.
(٢) وسائل الشيعة : الباب ٣ ، من أبواب أحكام شهر رمضان ، ح ١.
(٣) المصدر السابق : ح ٢.