بقي هنا شيء :
وهو استشهاد المحقّق الخراساني رحمهالله لإثبات مقالته في الحديث ( وهو أنّ صدر الحديث ناظر إلى حكم الله الواقعي وذيله إلى الاستصحاب ) بما ورد في ذيل الحديث ، وهو « فإذا علمت فقد قذر وما لم تعلم فليس عليك » ، حيث إنّ الفقرة الاولى وهى ( فإذا علمت فقد قذر ) بمنزلة قوله عليهالسلام : « بل إنقضه بيقين آخر » والفقرة الثانية وهى قوله عليهالسلام : « وما لم تعلم فليس عليك » بمنزلة قوله عليهالسلام : « لا تنقض اليقين بالشكّ » فتكون الفقرتان متلائمتين ومرتبطتين معاً بالاستصحاب ، بخلاف ما إذا قلنا بأنّ صدر الرواية ناظر إلى القاعدة وذيلها إلى الاستصحاب ، حيث إنّه حينئذٍ لابدّ من أن تكون الفقرة الثانية ناظرة إلى قاعدة الطهارة ، لأنّ معنى « ما لم تعلم » هو الشكّ الذي يكون موضوعاً لها ، مع أنّ الفقرة الاولى ناظرة إلى الاستصحاب بلا ريب ، وبهذا يلزم التفكيك بين الفقرتين ، وهو خلاف الظاهر ، حيث إنّ الظاهر كون الثانية من قبيل المفهوم للُاولى.
والجواب عنه : أنّه كذلك فيما إذا دار الأمر بين إرادة الحكم الواقعي والاستصحاب من الحديث ، أو القاعدة والاستصحاب ، وأمّا بناءً على المختار ( من كون الحديث بصدره وذيله ناظراً إلى القاعدة ) فيكون المراد من الفقرة الاولى بيان أنّ الحكم يرتفع إذا تبدّل موضوع القاعدة وهو الشكّ إلى العلم ، ومن الفقرة الثانية بيان أنّ هذا الحكم ثابت ما دام الموضوع باقياً ، فهما ناظران إلى طرفي مفهوم واحد.
٧ ـ ومن الروايات ما رواه عبدالله بن سنان قال : « سأل أبي أبا عبدالله عليهالسلام وأنا حاضر ، أنّي اعير الذمّي ثوبي وأنا أعلم أنّه يشرب الخمر ويأكل لحم الخنزير فيردّه عليّ فأغسله قبل أن اصلّي فيه؟ فقال أبو عبدالله عليهالسلام : صلّ فيه ولا تغسله من أجل ذلك فإنّك أعرته إيّاه وهو طاهر ولم تستيقن أنّه نجّسه فلا بأس أن تصلّي فيه حتّى تستيقن أنّه نجّسه » (١).
ولكن الإنصاف أنّها من الروايات الخاصّة التي لا يستفاد منها العموم ، ولو سلّمنا ظهور
__________________
(١) وسائل الشيعة : الباب ٧٤ ، من أبواب النجاسات ، ح ١.