سوى منشأ انتزاعها ، مع أنّ الملك هو إحدى المقولات المحمولات بالضميمة ، أي التي بحذائها شيء في الخارج ، فإنّ مقولة الملك هى نسبة الشيء إلى ما يحويه ، والحالة الحاصلة له من ذلك ، كالتختّم والتعمّم والتقمّص؟
وأمّا الجواب فحاصله : إنّ الملك مشترك لفظي يطلق على المقولة التي يعبّر عنها بالجدة تارةً ، ويطلق على الإضافة التي قد تحصل بالعقد وقد تحصل بغيره ( من إرث ونحوه ) اخرى ، فالذي هو من الأحكام الوضعيّة والاعتبارات الحاصلة بالجعل والإنشاء ويكون من الخارج المحمول ، هو الملك بالمعنى الثاني ، والذي هو من الأعراض المتأصّلة ويكون من المحمولات بالضميمة ( أي التي لا تحصل بالجعل والإنشاء ) هو الملك بالمعنى الأوّل ، ومنشأ الإشكال إشتراكه اللفظي.
أقول : قد حاول بعض الأعلام في مقابل المحقّق الخراساني رحمهالله إثبات كون الملك مشتركاً معنوياً فقال بأنّه وضع لمطلق إحاطة شيء على شيء ، وأورد عليه من جانب بعض آخر أنّ الإحاطة الموجودة في مثل التختّم عبارة عن إحاطة الملك على المالك ، بينما الإحاطة الموجودة في الملك القانوني الاعتباري عبارة عن إحاطة المالك على الملك ، فهما نوعان من الإحاطة ، ولا قدر جامع بينهما.
ولكن لقائل أن يقول : إنّ القدر الجامع هو عنوان الإحاطة الأعمّ من إحاطة المالك على الملك وإحاطة الملك على المالك.
بل الصحيح أن يقال : إنّه قد وقع الخلط بين المعنى اللغوي والمعنى المصطلح في الفلسفة ، فإنّ الملك في اللغة ليس بمعنى الإحاطة ، بل أنّه عبارة عن سلطة مطلقة قانونيّة تحصل للمالك على ملكه بحيث يجوز له أنواع التصرّف ، وهذا المعنى لا يوجد في مثل التختّم والتقمّص كما لا يخفى ، وبالجملة لابدّ من أخذ المعنى اللغوي من كتب اللغة وأخذ المعنى المصطلح من أهل الاصطلاح ، ولا يصحّ الخلط بينهما ، والمشترك اللفظي ما يكون له معنيان مختلفان عند أهل اللغة ، كما أنّ المشترك المعنوي ما يكون له قدر جامع عندهم أيضاً ، لا بضمّ اللغة مع الاصطلاح ، والعجب من المحقّق الخراساني رحمهالله حيث وقع في هذا الخلط ، مع أنّه حاول أن يمنع من وقوع الخلط بين التشريع والتكوين.
ثمّ إنّه قد مرّ سابقاً أنّ الملكية في مالكية الباري تعالى لعالم الوجود وإن لم تكن من قبيل