جريانه في أمثال المقام لتبدّل الموضوع.
إن قلت : فليكن إتيان الصّلاة في مثل هذا العباءة جائزاً.
قلنا : كلاّ ، لأنّ أحد أطراف العلم الإجمالي باقٍ على حاله بعد تنجّزه ، وقد ثبت في محلّه بقاء تنجّز العلم الإجمالي بالنسبة إلى الافراد الباقية ولو بعد إنعدام بعض الأطراف ، فالحكم بعدم جواز الصّلاة حينئذٍ ليس من باب استصحاب النجاسة ، بل هو ناشٍ عن وجوب الاحتياط الحاصل من العلم الإجمالي ، والفرق بينهما ظاهر.
أمّا استصحاب القسم الثالث : ففي حجّيته وعدم حجّيته وجوه ثلاثة :
الأوّل : عدم الحجّية مطلقاً ، وهو المعروف بين الأصحاب.
الثاني : الحجّية مطلقاً ، ولا نعرف من يقول به بالاسم والعنوان.
الثالث : تفصيل شيخنا الأعظم الأنصاري رحمهالله في فرائده بين ما إذا إحتمل وجود الفرد الآخر مقارناً لخروج الفرد الأوّل ، وما إذا احتمل وجوده مقارناً لوجود الفرد الأوّل ، فهو حجّة في الثاني دون الأوّل.
والصحيح هو القول الأوّل ، ودليله واضح ، لإعتبار وحدة متعلّق اليقين والشكّ في الاستصحاب الذي يعبّر عنه بلزوم اتّحاد القضية المتيقّنة والقضية المشكوكة ، وهى مفقودة في المقام لأنّ متعلّق اليقين فيه إنّما هو وجود الإنسان ضمن زيد ، بينما المشكوك هو وجود الإنسان ضمن عمرو ، وقد ثبت في محلّه أنّ وجود الكلّي الطبيعي في الخارج يكون متعدّداً بتعدّد أفراده وإن كان متّحداً معها في الذهن ، ولا إشكال في أنّ المستصحب في ما نحن فيه إنّما هو وجود الكلّي في الخارج لا الموجود في الذهن.
واستدلّ الشيخ الأعظم رحمهالله لجريان الاستصحاب في القسم الأوّل من قسمي الثالث ( وهو ما إذا وقع الشكّ في وجود فرد آخر مقارن لوجود الفرد الأوّل ) بما إليك نصّه : « لإحتمال كون الثابت في الآن اللاحق هو عين الموجود سابقاً فيتردّد الكلّي المعلوم سابقاً بين أن يكون وجوده الخارجي على نحو لا يرتفع بإرتفاع الفرد المعلوم إرتفاعه وأن يكون على نحو يرتفع بإرتفاع ذلك الفرد ، فالشكّ إنّما هو في مقدار استعداد ذلك الكلّي ، واستصحاب عدم حدوث