المعتبر في حجّية الاستصحاب بقاء الموضوع ، أي وحدة القضية والمشكوكة.
ثالثها : رجوعه إلى الأصل المثبت غالباً ، لأنّ المراد من استصحاب النهار مثلاً إمّا إثبات وقوع الإمساك في النهار ، وهو لازم عقلي لبقاء النهار ، أو إثبات أنّ الصّلاة وقعت أداءً ، وهو أيضاً لازم عقلي له.
وقبل الورود في الجواب عن هذه الإشكالات لا بأس بالإشارة إجمالاً إلى حقيقة الزمان ، فقد دارت حوله أبحاث كثيرة ضخمة ، وصدرت من الأعلام في هذا المجال مطالب معقّدة ، مع أنّه بإجماله من الضروريات البديهيات.
وكيف كان ، فإنّ عمدة الآراء فيه ثلاثة :
١ ـ أنّه بُعد موهوم يتوهّم الإنسان بوقوع الأشياء فيه.
٢ ـ أنّه ظرف خاصّ كالمكان ، وله بعد حقيقي في الخارج ، وهو مخلوق قبل الأشياء الزمانيّة.
٣ ـ ما هو مختار الفلاسفة المتأخّرين ( وهو الحقّ ) من أنّ الزمان ليس إلاّمقدار الحركة في العرض أو الجوهر ، فلولا الحركة لما كان هناك زمان ، فهى في الحقيقة مخلوقة بعد خلق الأشياء المادّية لا قبلها ، وهكذا المكان فإنّه أيضاً ينتزع بعد خلق الأشياء المادّية ونسبة بعضها إلى بعض كما ذكر في محلّه.
إذا عرفت هذا فلنرد في الجواب عن الإشكالات الثلاثة المذكورة فنقول :
أمّا الإشكال الأوّل ففيه : أنّ المستفاد من أدلّة الاستصحاب إنّما هو اعتبار وجود يقين سابق وشكّ لاحق في شيء واحد ، ولا دليل على اعتبار عنوان البقاء فيه.
وأمّا الإشكال الثاني فالجواب عنه :
أوّلاً : أنّ المعتبر وجود الوحدة بنظر العرف لا بالدقّة العقليّة ، والوحدة العرفيّة موجودة في الزمان بلا ريب.
وثانياً : أنّ الوحدة موجودة فيه حتّى بالدقّة العقليّة ، ودليلها وجود الإتّصال الحقيقي بين أجزاء الزمان ، وإلاّ يلزم الاجزاء غير المتناهية في المتناهي ( بين الحاضرين ) بعد عدم صحّة الجزء الذي لا يتجزّى ، فالموجود في الخارج في الامور المتّصلة ليس إلاّشيئاً واحداً ، وإنّما التجزئة في الذهن.