الأوقات أنّ للصلاة أو الصيام وقتاً محدّداً ، وأنّ الواجب وقوعهما في وقت من الأوقات كالنهار وشهر رمضان ، وهذا يعني أنّ الواجب وقوع الصّلاة في النهار أو وقوع الصيام في شهر رمضان لا مجرّد عدم الغرب أو عدم طلوع هلال الشوّال.
فقد ظهر أنّ كلّ واحد من هذه الأجوبة غير تامّ.
والحقّ في الجواب أن يقال : إنّ الواسطة في ما نحن فيه خفيّة فلا يكون الأصل مثبتاً وإلاّ فليكن الاستصحاب مثبتاً حتّى في مورد أدلّة الاستصحاب لأنّ ما هو معتبر في الصّلاة إنّما هو تقيّد أفعالها بالوضوء ، لمكان معنى الشرط ، وهو من اللوازم العقليّة لإستصحاب بقاء الوضوء كما لا يخفى ، مع أنّ جواز هذا الاستصحاب مصرّح به في نفس الصحيحة المعتبرة الدالّة على حجّية الاستصحاب.
أضف إلى ذلك أنّ من روايات الباب رواية علي بن محمّد القاساني المذكور سابقاً ( صم للرؤية وافطر للرؤية ) ولا إشكال في أنّ المستصحب في موردها هو الزمان.
بقي هنا شيء :
وهو أنّ الشكّ في الزمان قد يكون من قبيل الشبهة المصداقيّة كما إذا شككنا في أنّ غروب الشمس تحقّق أم لا؟ أو شككنا في تحقّق طلوع الفجر أو شهر رمضان ، وقد يكون من قبيل الشبهة المفهوميّة كما إذا شككنا في مفهوم المغرب وأنّه هل وضع لإستتار القرص أو لذهاب الحمرة؟
لا إشكال في جريان الاستصحاب في الشبهة المصداقيّة لتماميّة أركانه فيها ، وأمّا الشبهة المفهوميّة فالصحيح عدم جريانه فيها ، لأنّ المستظهر من أدلّة الاستصحاب أنّ متعلّق الشكّ إنّما هو الوجود الخارجي للشيء لا مفهمه ، وبتعبير آخر ، لابدّ أن يكون الشكّ في عمر المستصحب في الخارج والاستصحاب يزيد على عمره شرعاً وتعبّداً ، بينما في الشبهات المفهوميّة لا شكّ في الوجود الخارجي ، لأنّ الخارج معلوم عندنا فنعلم بأنّ قرص الشمس إستترت والحمرة لم تزل ، إنّما الشكّ في المراد من لفظ المغرب الوارد في الأحاديث.
نعم ، يمكن جريان الاستصحاب بالنسبة إلى وضع اللفظ ، بأن يقال : إنّ الشارع أو العرف لم يضع لفظ المغرب سابقاً في إستتار القرص ، والآن شككنا في وضعه ، فيجري استصحاب عدم وضعه للإستتار.