وإن شئت قلت : إذا كان الزمان قيداً في الواجب فلا يجري الاستصحاب لتبدّل الموضوع ، ولذلك يقال بأنّ القضاء يكون بأمر جديد ، وإذا لم يكن الزمان قيداً في الواجب بل كان ظرفاً له كما في مثل الخيار فيكون الاستصحاب جارياً ، ولكن المستصحب حينئذٍ ليس زمانياً فليس داخلاً في محلّ النزاع.
إن قلت : إنّ الزمان وإن أخذ في لسان الدليل ظرفاً للحكم ولكنّه ممّا له دخل في أصل المناط قطعاً ، لأنّ المفروض أنّ وجود الفعل زماني فالزمان مقوّم لوجوده فيكون مؤثّراً في المناط بالواسطة.
واجيب عنه بما حاصله : أنّ الزمان وإن كان لا محالة من قيود الموضوع ولكنّه ليس من القيود المقوّمة له بنظر العرف على وجه إذا تخلّف لم يصدق عرفاً بقاء الموضوع بل من الحالات المتبادلة له ، والمعتبر في الاستصحاب هو بقاء الموضوع في نظر العرف لا في نظر العقل.
بقي هنا شيء :
وهو كلام حكاه الشيخ الأعظم هنا عن المحقّق النراقي وتبعه غيره مع أنّه ليس مرتبطاً بالمقام ، بل هو تفصيل في حجّية الاستصحاب بين الشبهات الموضوعيّة والشبهات الحكميّة فذهب المحقّق النراقي رحمهالله إلى جريان الاستصحاب في الاولى دون الثانية ، لمعارضته دائماً باستصحاب عدم الجعل ، وقد تكلّمنا عن هذا تفصيلاً فيما سبق ، وأجبنا عن إشكال المعارضة بامور عديدة ، ومنها : أنّ الاستصحابين ليسا في عرض واحد بل أحدهما وهو استصحاب وجود الحكم حاكم أو وارد على الآخر وهو استصحاب عدم الجعل ، فإنّ استصحاب بقاء الحكم بنفسه حكم ظاهري يوجب زوال الشكّ الذي هو مأخوذ في موضوع استصحاب عدم الجعل.
والعجب من المحقّق الخراساني رحمهالله حيث ناقش في مثال خروج المذي بعد الوضوء الذي ذكره المحقّق النراقي رحمهالله مثالاً للمسألة ، وقال : أنّ مقتضى الاستصحاب الوجودي هو بقاء الوضوء ، وهو يعارض مع مقتضى الاستصحاب العدمي ، وهو عدم جعل الشارع الوضوء رافعاً للحدث لما بعد خروج المذي ، فناقش فيه المحقّق الخراساني رحمهالله بأنّ رافعية الوضوء للحدث ليست محدودة بحدّ زماني ، بل هى كسائر الأحكام التي تجعل من جانب الشارع