التعبّديّة والتوصّليّة هو التعبّديّة ، فيجري هذا الحكم بمؤونة الاستصحاب في شريعتنا.
ولكن أورد عليه بإشكالات عديدة :
منها : أنّه متوقّف على كون المراد من كلمة « مخلصين » اعتبار قصد القربة ، مع أنّ المراد منها التوحيد في مقابل الشرك.
واجيب عنه : بأنّ الشاهد على المقصود في الآية إنّما هو قوله تعالى : ( وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللهَ ) فإنّه ظاهر في أنّ جميع أوامر الشرائع السابقة صدرت لعبادة الله ، فلا حاجة إلى ظهور كلمة « مخلصين » في قصد القربة.
ومنها : أنّه متوقّف على صدور أوامرها على نهج القضايا الحقيقيّة ، مع أنّ نزول كلمة « امروا » بصيغة الماضي ظاهر في أنّها صدرت على نهج القضايا الخارجية فلا يمكن استصحابها.
ويمكن الجواب عنه : بأنّه لا دلالة في صيغة الماضي على خارجية القضايا ، حيث إنّها ناظرة إلى القوانين التي شرّعت في الشرائع السابقة ، ولا إشكال في أنّ القانون يكون غالباً على نحو القضية الحقيقيّة.
ومنها : أنّه لا حاجة إلى الاستصحاب في المقام ، حيث إنّ قوله تعالى في ذيل الآية : ( وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ ) بنفسه ظاهر في الدوام والبقاء.
واجيب عنه : بأنّ مرجع اسم الإشارة « ذلك » لعلّه هو قوله « مخلصين » ، أي التوحيد في مقابل الشرك لا ما قبله ، خصوصاً بقرينة الأقربية.
ومنها : أنّه مبنيّ على كون الغاية في الآية وهى قوله تعالى « ليعبدوا » غاية لفعل الناس حتّى يكون المعنى : وما امروا إلاّلأن يقصد الناس القربة ويكونوا عابدين لله تعالى ، مع أنّه يحتمل كونها غاية لفعل الله تعالى فتكون الآية حينئذٍ ناظرة إلى بيان حكمة أوامره تعالى ، والمعنى : أنّ فلسفة الأحكام الإلهيّة وحكمة الأوامر الشرعيّة الأعمّ من التعبّدي والتوصّلي إنّما هو تربية الله عباده لأن يكونوا عابدين مخلصين ، فتكون الآية حينئذٍ قريبة الافق من قوله تعالى : ( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ ) ، ومن الواضح أنّها عندئذٍ لا ربط لها بالمقام ، حيث إنّها صادقة حتّى بالنسبة إلى الأوامر التوصّلية.
ومنها : أنّ لازم هذا المعنى التخصيص بالأكثر ، فإنّ من المعلوم أنّ أكثر الأوامر الواردة في