يدلّ عليه ما ورد في مذمّة ترك النكاح بل في استحباب الإنكاح.
٥ ـ ما يستفاد من قصّة أيّوب في قوله تعالى : ( وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِراً نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ ) (١) من عدم لزوم الحنث بالعدول عن الضرب بالسوط إلى الضرب بالضغث في باب النذور والأيمان.
ويمكن المناقشة فيه أيضاً : بأنّ العدول إلى الضغث لعلّه لم يكن من باب الوفاء باليمين أو النذر ، بل من باب إنكشاف عدم استحقاق زوجة أيّوب للضرب بعد الرجوع ، فانكشف أنّ تأخيرها كان عن عذر ، فينكشف أنّ اليمين أو النذر لم ينعقد لإعتبار الإباحة أو الرجحان فيهما.
إن قلت : فكيف أمر بالضرب بالضغث مع أنّ لازم ما ذكر سقوط الضرب من رأسه.
قلنا : لعلّه كان من باب رعاية حرمة إسمه تعالى ، وحفظ ظاهر اليمين ، كما يرى نظيره من حيث حفظ الظاهر والإحترام بالحدود الإلهية في الأخبار في أبواب الحدود والأيمان.
٦ ـ ما يستفاد من قوله تعالى : ( وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنفَ بِالْأَنفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ ) (٢) من اعتبار أصل المساواة في باب القصاص ، فيستصحب هو في شريعتنا.
إن قلت : إنّه لا حاجة في اعتبار المساواة إلى الاستصحاب لأنّ أصل القصاص من مسلّمات شريعة الإسلام ،
والمساواة من لوازم ماهية القصاص كما لا يخفى ، مضافاً إلى أنّه يمكن إستفادتها من قوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنثَى بِالْأُنثَى ) (٣).
قلنا : يجوز الاستدلال بالآية الاولى في موارد الشكّ ، كما في ذي العين الواحدة ، حيث إنّ المحتملات فيه ثلاثة : جواز القصاص فقط ، وعدم جواز القصاص بل وجوب الديّة فقط ، وجواز القصاص مع نصف الديّة ، فيستدلّ بإطلاق قوله تعالى « والعين بالعين » على جواز خصوص القصاص في شريعة موسى عليهالسلام ثمّ يستصحب في شريعتنا.
__________________
(١) سورة ص : الآية ٤٢.
(٢) سورة المائدة : الآية ٤٥.
(٣) سورة البقرة : الآية ١٧٨.