الماء الخارجي أيضاً معلوم وعدم إنطباق الأوّل على الثاني أيضاً واضح ، وأمّا إذا لم يكن الموضوع المأخوذ في لسان الدليل واضحاً مفهوماً ، فالمرجع في تشخيص المفهوم وحدوده إنّما هو العرف لأنّ المفاهيم الواردة في لسان الأدلّة والموضوعات المأخوذة فيها نازلة على المتفاهم العرفي كما مرّ آنفاً ، وليس هذا من قبيل المسامحات.
بقي هنا شيء :
وهو الثمرة التي تترتّب على هذا البحث.
( قد مرّت الإشارة إلى أنّه إن كان الميزان في تشخيص الموضوع ما يدركه العقل فلا يجري الاستصحاب في شبهة من الشبهات الحكميّة ، لأنّ الشبهة فيها فرع لإحتمال تغيّر في الموضوع ، ومع هذا الاحتمال لا يحرز بقاء الموضوع بالدقّة العقليّة ، ومعه لا يجوز الاستصحاب لأنّه يعتبر في جريان الاستصحاب إحراز الموضوع بتمام قيوده وأجزائه.
وإن شئت قلت : إنّ الأحكام تابعة للمصالح والمفاسد ، وبقاء المصالح أو المفاسد فرع بقاء الموضوع ، والشكّ في بقاء الحكم ينشأ من الشكّ في بقاء المصلحة أو المفسدة ، وهو ناشٍ من احتمال تغيّر في الموضوع ، وإلاّ فلا وجه للشكّ.
هذا إذا كانت المصلحة أو المفسدة في نفس الفعل كما هو الغالب ، وأمّا إذا كانت في نفس الإنشاء فاحتمال تغيّر المصلحة أو المفسدة لا ينشأ من احتمال تغيّر في الموضوع ، بل يمكن بقاء الموضوع على حاله مع تغيّر المصالح أو المفاسد فإذا كان الموضوع باقياً يجري الاستصحاب وإن احتملنا عدم وجود مصلحة في الإنشاء.
ولكن وجود المصلحة في الإنشاء أمر نادر لا نعرف له مصداقاً في القوانين الكلّية الشرعيّة ، ومن هنا يظهر الحال بالنسبة إلى عدم جريان استصحاب عدم النسخ في الأحكام الكلّية أيضاً ( لو قلنا بكون الموضوع مأخوذاً من العقل ) لأنّه في مثل هذه الموارد أيضاً يحتمل تغيّر الموضوع لأنّ النسخ دفع للحكم لا رفع له ، ويكون بمعنى انتهاء أمد المصلحة وهو لا يكون إلاّبتغيّر في الموضوع.
ومن هنا يظهر الإشكال فيما ذكره الشيخ رحمهالله من أنّه لو أخذ الموضوع من العقل لكان