اللهمّ إلاّ أن يقال : بحصول الوثوق من توثيقه ، ولكنّه مشكل ، وحينئذٍ لا يخلو السند عن شيء.
وأمّا الدلالة فقال الشيخ الأعظم الأنصاري رحمهالله أنّه أظهر من الكلّ في الدلالة على البراءة.
وإستشكل فيها المحقّق الخراساني رحمهالله بأنّ دلالته تتوقّف على عدم صدق الورود إلاّبعد العلم والوصول مع أنّه يصدق على الصدور المقابل للسكوت أيضاً ، فمعنى الحديث حينئذٍ : أنّ ما لم يصدر فيه نهي واقعاً ( بمعنى سكوت الله تعالى عنه ) فهو حلال ، ولا كلفة على العباد من جهته ، في مقابل ما إذا صدر النهي عنه واقعاً فليس حلالاً وإن لم يعلم به المكلّف ، فوزان هذا الحديث حينئذٍ وزان حديث السكوت.
إن قلت : نعم يصدق الورود على صدور النهي عن الشارع وإن اختفى علينا لبعض الأسباب والدواعي ، ولكن الأصل عدم صدوره ، فإنّه مسبوق بالعدم فيستصحب عدمه فيتمّ الاستدلال بضميمة هذا الأصل.
قلنا : إنّ الاستدلال حينئذٍ وإن كان يتمّ بضميمة الأصل المزبور ، ويحكم بإباحة ما شكّ في حرمته ، لكن لا بعنوان أنّه مشكوك الحرمة ومحتمل النهي بل بعنوان إنّه ما لم يرد فيه نهي.
إن قلت : إنّ عنوان « ما لم يرد فيه نهي » الثابت بالاستصحاب وإن كان مغايراً لعنوان مجهول الحرمة لكن لا تفاوت بينها في الغرض وهو إثبات إباحة مجهول الحرمة كشرب التتن ، فهذا الفعل مباح ظاهراً سواء كان بعنوان عدم ورود النهي عنه واقعاً ولو تعبّداً ( كما هو مقتضى استصحاب عدم ورود النهي عنه ) أو بعنوان كونه مجهول الحكم.
قلنا : إنّ الثمرة بين الصورتين تظهر في توارد الحالتين لأنّه لو كان الحكم بإباحة مجهول الحرمة بعنوان إنّه ممّا لم يرد فيه نهي لأختصّ ذلك بما إذا لم يعلم ورود النهي فيه في زمان ، وبورود الإباحة فيه في زمان آخر ، واشتبه السابق باللاحق فلا يكاد يتمّ الاستدلال حينئذٍ ، إذ لا مجال للإستصحاب حينئذٍ ، وهذا بخلاف ما إذا كان الحكم بإباحته بعنوان إنّه مجهول الحرمة ، فيجري الأصل حينئذٍ حتّى في مثل الفرض لأنّه مجهول الحرمة ولو مع العلم الإجمالي المذكور ، فيحكم بحلّيته ظاهراً إلى أن يعلم الخلاف ، ( انتهى ما ذكره المحقّق الخراساني رحمهالله بتوضيح منّا ).
أقول : يرد على هذا الجواب أوّلاً : أنّه ممّا يهمّ الفقيه في الفقه إذ لا يوجد له مورد في الفقه