عن الموضوع ( أو المتعلّق أو الحكم ) ولكن تعبّداً لا حقيقة ، كقولك : « زيد ليس بعالم » بالنسبة إلى قولك : « أكرم العلماء » ، وكذلك دخول موضوع في أحدهما توسعة بالتعبّد.
فنلاحظ أنّ الورود شبيه التخصّص في كون كلّ منهما خروجاً عن الموضوع حقيقة ، والفرق بينهما أنّ الخروج في أحدهما تكويني وفي الآخر بعد ورود الدليل الشرعي ، كما أنّ الحكومة شبيه التخصيص في كون كلّ منهما إخراجاً للموضوع تعبّداً إلاّ أنّ أحدهما ( وهو التخصيص ) إخراج للموضوع بلسان المعارضة ، بينما الحكومة إخراج له بلسان التوضيح والتفسير ، نعم هذا في ما إذا كان لسان الدليل الحاكم لسان تضييق لا توسعة ، وإلاّ فلا ربط بينهما.
ثمّ إنّ تعابير الأصحاب في تفسير الحكومة مختلفة فقال شيخنا الأعظم الأنصاري رحمهالله أنّها عبارة عن أن يكون أحد الدليلين شارحاً ومفسّراً للدليل الآخر بمدلوله اللفظي.
وقال المحقّق الخراساني رحمهالله : هى أن يكون أحدهما ناظراً إلى بيان كميّة ما اريد من الآخر.
وقال المحقّق النائيني رحمهالله : هى أن يكون أحدهما بمدلوله المطابقي ناظراً إلى التصرّف في الآخر إمّا في عقد وضعه إثباتاً أو نفياً ، أو عقد حمله.
أقول : أحسنها هو تعبير الشيخ الأعظم رحمهالله إذا إنضمّ إليه قيد ، بأن نقول : الحكومة أن يكون أحد الدليلين شارحاً ومفسّراً للدليل الآخر بالدلالة اللفظيّة المطابقيّة أو التضمّنيّة أو الالتزاميّة ، وبهذا التعميم في الدلالة اللفظية لا يرد إشكال المحقّق النائيني رحمهالله عليه بأن لا يعتبر في الحكومة أن يكون أحد الدليلين بمدلوله اللفظي مفسّراً لمدلول الآخر وشارحاً له بحيث يكون مصدّراً بأحد أداة التفسير أو ما يلحق بذلك ، فإنّ غالب موارد الحكومات لا ينطبق على هذا الضابط.
وممّا ذكرنا من التعميم يظهر عدم ورود هذا الإيراد ، إذ إنّه وارد بناءً على انحصار الدلالة اللفظيّة في المطابقية كما لا يخفى.
وبما ذكرنا يتّضح أيضاً أنّ في تمام موارد الحكومة يوجد للدليل الحاكم نظر إلى الدليل المحكوم ويكون هو مفسّراً له ولو في حدّ الدلالة الالتزامية كما في أدلّة الأمارات كمفهوم آية البناء بالنسبة إلى أدلّة الاصول كما مرّ في بعض الأبحاث السابقة.
كما يتّضح وجه تقديم الدليل الحاكم على الدليل المحكوم ، حيث إنّه مفسّر للدليل المحكوم ،