الكبريات وتعيين حدودها وخصوصياتها.
فمثلاً تخصيص الإمام عليهالسلام وجوب تقصير الصّلاة في السفر بسفر المعصية يرجع في الواقع إلى بيان أنّ آية التقصير قد وردت في مقام الإمتنان فلا تنطبق على سفر المعصية ، وكذلك تخصيصه بالنسبة إلى من قصد إقامة عشرة أيّام بيان في أنّ تلك الكبرى مختصّة بمن يصدق عليه المسافر عرفاً ، ومثل هذا الإنسان ليس مسافراً ، وهكذا تقييد حكم صلاة المسافر بحدّ الترخّص إنّما هو لعدم كونه مسافراً عرفاً قبل بلوغ هذا الحدّ ، ومثله تخصيص آية الخمس في أرباح المكاسب بمؤونة السنة فإنّه في الواقع بيان لكون موضوع الخمس في الآية إنّما هو عنوان الغنيمة ، وهى عبارة عن الفائدة المحضة فلا تشمل مؤونة السنة ، لأنّ من يستفيد طول السنة عشرة آلاف درهماً مثلاً ولكن تكون مؤونته بهذا المقدار فهو في الواقع لم ينتفع بشيء ولم يغتنم غنيمة ، وكذلك إستثناء البيع الغرري عن كبرى أُوفوا بالعقود ، فهو يرجع في الواقع إلى بيان أنّ هذه الآية إرشاد إلى حكم عقلائي وأنّ بناء العقلاء لا يقوم على وجوب الوفاء بالبيع الغرري ، إلى غير ذلك من الأمثلة ، ولعمري أنّ هذا جواب متين بالنسبة إلى كثير من هذه التقييدات والتخصيصات.
٤ ـ إذا دار الأمر بين التصرّف في منطوق أحد الخبرين ومفهوم الآخر كقوله عليهالسلام : « إذا خفى الأذان فقصّر » وقوله عليهالسلام : « إذا خفيت الجدران فقصّر » ( لو فرض صدور خبرين بهذين المضمونين ) فبعد قبول كبرى مفهوم الشرط يقع التعارض بينهما ، لأنّ مفهوم كلّ منهما ينافي منطوق الآخر ، وقد وقع الكلام في مبحث المفاهيم ( مفهوم الشرط ) بينهم وذكروا لحلّ هذا التعارض طرقاً عديدة ، والمرتبط منها بما نحن فيه طريقان :
١ ـ تقييد اطلاق مفهوم كلّ منهما بمنطوق الآخر ، ولازمه كفاية أحد الأمرين في حصول حدّ الترخّص.
٢ ـ تقييد اطلاق منطوق كلّ منهما بمنطوق الآخر ، ولازمه اعتبار خفاء الأذان والجدران معاً في وجوب التقصير.
وكيف كان : إن قلنا بأنّ المنطوق أقوى ظهوراً من المفهوم فالمتعيّن هو الطريق الأوّل ، وإلّإ