بقي هنا شيء :
وهو كلام للمحقّق النائيني رحمهالله قابل للمناقشة ولا يخلو ذكره عن فائدة أو فوائد ...
قال : إنّ الترجيح في باب التزاحم يكون بامور خمسة مترتّبة أجنبية كلّها عن مرجّحات باب التعارض :
١ ـ أن يكون أحد الواجبين موسعاً والآخر مضيّقاً ، فإنّ المضيّق يتقدّم على الموسع لا محالة.
٢ ـ أن تكون القدرة المعتبرة في أحد الحكمين عقليّة وغير معتبرة في الملاك ، وإنّما كان اعتبارها في الخطاب من جهة حكم العقل بقبح خطاب العاجز ، وفي الآخر شرعيّة ودخيلة في الملاك فإنّ ما اعتبر القدرة فيه عقلاً يتقدّم على ما اعتبر فيه شرعاً ، والوجه فيه ظاهر.
٣ ـ أن يكون أحد الواجبين ممّا له البدل دون الآخر ، فيتقدّم ما ليس له البدل على ما له البدل ، والسرّ فيه واضح أيضاً.
٤ ـ أن يكون أحد المتزاحمين من دون أن يكون هناك شيء من المرجّحات السابقة أهمّ من الآخر فيقدّم الأهمّ على المهمّ.
٥ ـ أن يكون أحد الحكمين سابقاً في الزمان على الآخر ، فإنّ السابق منهما يكون معجّزاً مولوياً عن الآخر ، فإذا دار الأمر بين القيام في الركعة الاولى أو الثانية بحيث لا يتمكّن المكلّف من الجمع بينهما فلا محالة يكون القيام في الركعة الاولى هو المتعيّن ، وبذلك يكون المكلّف عاجزاً عن القيام في الثانية فيسقط ( وكما إذا دار الأمر بين الصيام في النصف الأوّل من شهر رمضان والنصف الآخر منه بحيث لا يتمكّن المكلّف من الصيام في جميع الشهر ) (١).
ولكن يرد عليه :
أوّلاً : أنّ تعبيره في صدر كلامه بالمترتّبة مشعر بوجود ترتّب منطقي بين هذه الامور الخمسة مع أنّه لا دليل على ذلك أصلاً.
وثانياً : أنّ جميع هذه الامور خارجة عن باب التزاحم إلاّ الأمر الرابع ( وهو أن يكون أحدهما أهمّ من الآخر ) وقد أشرنا إليه سابقاً.
__________________
(١) راجع أجود التقريرات : ج ٢ ، ص ٥٠٣ و ٥٠٤ ، طبعة مطبوعات ديني.