حقوق الغرماء في المفلّس فلا ريب أيضاً في لزوم هذا الجمع بمقدار الإمكان ولكنّه أيضاً خارج عن محلّ الكلام كما لا يخفى.
رابعها : أن يكون المراد منه مطلق الجمع ورفع اليد عن ظاهر كليهما أو أحدهما بتأويلهما أو تأويل أحدهما من دون أي شاهد عرفي ، وهو ما يسمّى بالجمع التبرّعي كما قد يظهر الإصرار عليه من بعض كلمات شيخ الطائفة رحمهالله في كتاب الإستبصار ، وهذا هو الذي يمكن أن يتكلّم فيه في محلّ الكلام.
ولكن مثل هذا الجمع يرد عليه :
أوّلاً : أنّه لا دليل على أولويته عند الطرح من العرف والعقلاء.
وثانياً : أنّه يوجب الهرج والمرج في الفقه لأنّه لا ضابطة للجمع التبرّعي فيمكن لكلّ فقيه أن يختار نوع جمع خاصّ لروايتين غير ما يختاره الآخر.
وثالثاً : أنّه يعارض جميع أخبار الترجيح عند وجود المرجّحات أو حملها على مورد النادر ، أي المورد الذي لا يمكن الجمع فيه ولو بالتأويل وإرتكاب خلاف الظاهر ، وهكذا يعارض أخبار التخيير.
فظهر أنّه لا يمكن في المقام الجمع بين المتعارضين ، فيدور الأمر بين التخيير والتساقط ، فهل القاعدة الأوّليّة تقتضي التساقط مطلقاً ، أو التخيير مطلقاً ، أو التفصيل بين المباني المختلفة في حجّية الأمارات من الطريقيّة وأنواع السببيّة؟ الصحيح هو الأخير.
توضيح ذلك : أنّ المراد من الطريقيّة أنّ الأمارة لا توجد مصلحة في مؤدّاها بل إنّها مجرّد طريق إلى الواقع فإن أصابت إلى الواقع فمؤدّيها هو الواقع ، وإلاّ فلا يكون شيئاً ، والمراد من السببيّة أنّ الأمارة توجب حصول مصلحة في المؤدّى وهى على أقسام أربعة :
١ ـ السببيّة الكاملة التي قال بها جمع كثير من العامّة في ما لا نصّ فيه ، وحاصلها : أنّ الفقيه يجتهد في ملاحظة المصالح والمفاسد ثمّ يختار حكماً بلحاظها ، وفي الواقع له وضع القانون الإلهي فيما لم يرد به نصّ ، وهذا المعنى ثابت لجميع المجتهدين وإن اختلفوا في وضع هذه الأحكام اختلافاً كثيراً ، فكلّ واحد منها حكم إلهي يمضيه الله ، وهذا هو التصويب الأشعري المعروف عندهم الباطل عندنا ، وهذا النوع من التصويب غير مذكور في كلمات أصحابنا غالباً.
وهو من أشنع ما التزموا به ممّا يلزم منه نقض التشريعات الإسلاميّة وحاجتها إلى