النحو المذكور فيها موافق للاعتبار أيضاً ، وأنّ الإمام عليهالسلام كان في مقام بيان ما يوافق الاعتبار ، والأخذ بالأقوى فالأقوى من المرجّحات ، وتطبيق قانون تقديم الأقوى على الأضعف ، إذ إنّ الموافق مع الشهرة أقوى ظهوراً من الخبر غير المشهور الموافق مع كتاب الله ، وهكذا المخالف للعامّة أقوى من الموافق لعموم الكتاب أو إطلاقه.
بقي هنا امور :
١ ـ إنّ ما ادّعاه شيخنا الأعظم رحمهالله في رسائله من أنّ المرفوعة منجبرة بعمل الأصحاب حيث قال : « فهى وإن كانت ضعيفة السند إلاّ أنّها موافقة لسيرة العلماء في الترجيح » مبنى على كون عمل الأصحاب مستنداً إلى خصوص المرفوعة ، مع أنّ الظاهر أنّ مستندهم هو المقبولة ، لأنّ فيها أيضاً قدّم الترجيح بالشهرة على الترجيح بسائر المرجّحات ، والشيخ الأعظم رحمهالله حيث توهّم أنّ أوّل المرجّحات في المقبولة هو صفات الراوي وأنّ ما قدّم فيه الشهرة على سائر المرجّحات إنّما هو المرفوعة ، كما أشار إليه في ذيل كلامه بقوله « فإنّ طريقتهم مستمرّة على تقديم المشهور على الشاذّ » ذهب إلى أنّ عمل الأصحاب مستند إلى المرفوعة فيجبر ضعف سندها ، مع أنّه قد مرّ أنّ الترجيح بالصفات الواردة فيها من مرجّحات باب الحكومة والقضاء لا الرواية.
٢ ـ قد أشرنا سابقاً إلى أنّ المرجّحات المضمونية ترجع في الواقع إلى المرجّحات السنديّة ( الصدوريّة ) لأنّ موافقة كتاب الله تعالى توجب الظنّ بالصدور وأنّ علوّ المضامين يوجب القوّة في السند ، كما لا يخفى ، وحينئذٍ ترجع المرجّحات إلى قسمين : صدوريّة وجهتيّة ، لا إلى ثلاثة أقسام.
٣ ـ ما أشرنا إليه أيضاً في الجواب عن المحقّق الرشتي رحمهالله من أنّه ليس كلّ ما كان موافقاً للعامّة صدر في مقام التقية ، والشاهد على ذلك أنّ الأئمّة عليهمالسلام كثيراً ما كانوا ينقضون التقيّة ، ويبلّغون أحكام الله الواقعيّة ، سواء كانت موافقة مع آراء العامّة أو مخالفة لها.
توضيح ذلك : أنّ التقيّة على قسمين :
التقيّة في العمل وأكثر روايات التقيّة ناظرة إليها ، وقد ذكرناها بالتفصيل في القواعد