صدرها من مرجّحات باب الحكومة والقضاء لا الرواية كما مرّ أيضاً ) والإنصاف أنّ ظاهر هذا الحديث هو لزوم الترتيب بين المرجّحات الثلاثة.
ومن الروايات مرفوعة زرارة ، ولكن الترتيب الوارد فيها مخالف للترتيب الوارد في المقبولة ، فإنّ المرجّح الثاني فيها هو صفات الراوي ، والثالث هو مخالفة العامّة ، والرابع هو الأحوطيّة ، وحينئذٍ يقع التعارض بينهما ، مع أنّ المطلوب منها علاج التعارض.
ولكن الذي يسهل الخطب أنّ المرفوعة لا سند لها كما مرّ بيانه.
ومن الروايات ما مرّ من مصحّحة عبدالرحمن بن عبدالله (١) ، ولا إشكال أيضاً في صراحته في لزوم الترتيب مع خصوصيّة ومزيّة له بالنسبة إلى المقبولة ، حيث إنّ الترتيب فيه جاء في كلام الإمام عليهالسلام نفسه ، بينما الترتيب في المقبولة جاء في كلام السائل ، إلاّ أنّ سكوت الإمام ظاهر في التقرير والامضاء.
وقد يدّعى وجود قرينة على خلاف هذا الظهور ، وهى أنّ في كثير من الروايات لم يذكر إلاّ مرجّح واحد ، ولزوم الترتيب واعتباره يستلزم تقييد اطلاق جميع هذه الروايات بالمقبولة بالنسبة إلى سائر المرجّحات ، وهو مشكل جدّاً.
وبعبارة اخرى : قد مرّ أنّ روايات الترجيح على طوائف عديدة ، والمرجّحات في بعضها أربعة وفي بعضها الآخر ثلاثة ، وفي طائفة ثالثة إثنان ، وفي طائفة رابعة واحد ، والمرجّح الواحد في الطائفة الرابعة أيضاً كان هو مخالفة العامّة في بعض رواياتها وموافقة الكتاب في بعضها الآخر ، فقد يقال : إنّ هذا الاختلاف قرينة على التصرّف في ظهور المقبولة في الترتيب ، وحملها على أنّ الإمام عليهالسلام فيها كان في مقام بيان مجرّد أنّ هذا مرجّح وذاك مرجّح.
ولكن يمكن الجواب عنه : بأنّه لابدّ من رفع اليد عن الاطلاق المذكور على أيّ حال ، سواء قلنا بالترتيب أو لا ، فإنّ مقتضى اطلاق الطائفة التي جاء فيها مرجّح واحد مثلاً أنّ المعتبر في مقام الترجيح إنّما هو خصوص ذلك المرجّح فقط ، وهذا الظهور لا يعتنى به حتّى القائلين بعدم اعتبار الترتيب.
هذا ـ مضافاً إلى أنّه يمكن أن يقال : إنّ ما تدلّ عليه المقبولة من اعتبار الترتيب على
__________________
(١) وسائل الشيعة : الباب ٩ ، من أبواب صفات القاضي ، ح ٢٩.