وقد ورد فيه حكم أو نصّ ، وقد جمعت مقدّمة كتاب في جامع أحاديث الشيعة نقلاً عن الكافي للكليني وغيره.
الرابع : ما ثبت لنا عملاً وتاريخياً إلى حدّ الآن في طيلة الأعصار والقرون من الصدر الأوّل إلى عصرنا هذا من أنّ فقهاء الخاصّة وأصحابنا الإماميّة قدّس الله أسرارهم لم يحسّوا حاجة لرفع الحاجات الفقهيّة إلى إعمال مثل القياس والاستحسان فإنّ لديهم نصوصاً خاصّة من ناحية أهل بيت العصمة واصولاً كلّية تنطبق على أكثر القضايا والمصاديق الفرعية ، وقواعد واصولاً عملية يرجعون إليها في سائر القضايا الفقهيّة ، وهذا هو معنى انفتاح باب العلم والاجتهاد عندهم خلافاً لفقهاء الجمهور فإنّهم بعد اعراضهم عن مكتب عترة الرسول وما وصّى به في حديث الثقلين وغيره من لزوم التمسّك بعترته في عرض التمسّك بالكتاب العزيز إعتقدوا عدم كفاية الكتاب والسنّة لرفع حاجات الاستنباط كما مرّ ، وبالتالي ظنّوا عدم كفاية نصوص الكتاب والسنّة للدلالة على الحكم في كثير من القضايا ، ولازمه عدم استيعاب الشريعة لمختلف شؤون الحياة ، وبتبعه إستباحوا لأنفسهم أن يعملوا بالظنون والاستحسانات ويتصدّوا لتشريع الأحكام في هذه الأبواب.
الخامس : أنّ الاجتهاد بهذا المعنى معناه نقصان الشريعة ، وأنّ الله تعالى لم يشرّع في الإسلام إلاّ أحكاماً معدودة ، وهى الأحكام التي جاء بيانها في الكتاب والسنّة ، وترك التشريع في سائر المجالات إلى الفقهاء من الناس ليشرّعوا الأحكام على أساس الظنّ والاستحسان ، ولا يخفى أنّ لازمه الفوضى والهرج والمرج الشديد في الدين وما لا نجد نظيره حتّى في التقنينات العقلائيّة في اليوم لأنّ ما يجعل ويقنّن فيها هو قانون واحد لا قوانين عديدة بعدد الفقهاء والعلماء كما مرّ آنفاً.
ولما ذكرنا كلّه خصوصاً لهذه النتيجة الفاسدة الشنيعة نهض أمير المؤمنين علي عليهالسلام في مقام الذمّ لهذا النوع من الاجتهاد في عصره ( فكيف بالأعصار اللاحقة ) بما مرّ ذكره في بعض الأبحاث السابقة ، ولا بأس بإعادته لأنّه كالمسك كلّما كرّرته يتضوّع ، قال فيما روي عنه في نهج البلاغة : « ترد على أحدهم القضية في حكم من الأحكام فيحكم فيها برأيه ثمّ ترد تلك القضية بعينها على غيره فيحكم فيها بخلاف قوله ... أم أنزل الله سبحانه ديناً ناقصاً فاستعان بهم على إتمامه ، أم كانوا شركاء لله فلهم أن يقولوا وعليه أن يرضى ، أم أنزل الله سبحانه ديناً تامّاً فقصر