فالعقول » (١) ، وهكذا جمعت مدرسة أهل البيت عليهمالسلام بين حماية الشريعة من فكرة النقص وحماية العقل من مصادرة الجامدين ( انتهى ) (٢).
ومن هنا يتّضح أنّهم لماذا سدّوا باب الاجتهاد في النهاية فإنّ هذا التفريط من نتائج ذلك الإفراط ولوازمه القهرية كما لا يخفى.
وكيف كان ، لابدّ من تحديد نظر علماء الإماميّة في هذا المجال وأنّهم لماذا ردّوا هذا النوع من الاجتهاد بل حملوا عليه حملة شديدة فنقول : إنّه يمكن الاستناد في بطلانه إلى وجوه شتّى :
الأوّل : ما يدلّ من آيات الكتاب العزيز على أنّه لا واقعة إلاّولها حكم وبيان في القرآن الكريم نظير قوله تعالى : ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي ) (٣) وقوله تعالى : ( وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ ) (٤) ( والمراد من « كلّ شيء » كلّ ما له دخل في هداية نفوس الإنسان وتربيتها ).
الثاني : الأخذ بحديث الثقلين فإنّ أحدهما هو عترة الرسول عليهمالسلام ، ومع وجودهم لا يحسّ فقدان نصّ ، لأنّ ما كان يصدر منهم كان من جانب الرسول صلىاللهعليهوآله لا من عند أنفسهم فكان البيان الشرعي لا يزال مستمرّاً باستمرار الأئمّة ، وفقهاء العامّة حيث إنّهم كانوا يعتقدون بأنّ البيان الشرعي متمثّل في الكتاب والسنّة النبويّة المأثورة عن الرسول فقط ، وهما لا يفيان إلاّ بشيء قليل من حاجات الإستنباط ـ بل حكي عن أبي حنيفة ( الذي كان على رأس مذهب الاجتهاد بالمعنى الخاصّ أو من روّاده الأوّلين ) أنّه لم يكن عنده من الأخبار الصحيحة المنقولة عن النبي صلىاللهعليهوآله إلاّخمسة وعشرون حديثاً ـ التجأوا لرفع هذه الحاجات إلى هذا النوع من الاجتهاد لإحساسهم خلأً قانونياً في الشريعة ونقصاناً في الأحكام الفرعية لابدّ في رفعه إلى التمسّك بذيل القياس ونحوه.
الثالث : روايات متواترة تدلّ على أنّه ما من شيء تحتاج إليه الامّة إلى يوم القيامة إلّإ
__________________
(١) اصول الكافي : ج ١ ، ص ١٣ ح ١٢.
(٢) المعالم الجديدة للمحقّق الشهيد محمّد باقر الصدر قدّس الله نفسه الزكية وشكر الله مساعيه الجميلة : ص ٤١.
(٣) سورة المائدة : الآية ٣.
(٤) سورة النحل : الآية ٨٩.