يمكن إلاّبالرجوع إلى الأعلم عند اختلاف القضاة.
ثانياً : أنّ المراد من الأعلميّة في مورد الرواية هى الأعلميّة بالنسبة إلى مورد المخاصمة لا مطلق الموارد كما هو محلّ النزاع في المقام ، فتأمّل.
وقد إستشكل فيها أيضاً من ناحية السند ، ولكنّه قد مرّ أنّ الأصحاب تلقّوه بالقبول حتّى سمّيت مقبولة.
ومنها : ما جاء في عهده عليهالسلام إلى مالك الأشتر النخعي : « فاختر للحكم بين الناس أفضل رعيتك » (١).
ولكنّه أيضاً خاصّ بباب القضاء وفصل الخصومة الذي لا إشكال في اعتبار اختيار أعلم القضاة فيه عند اختلافهم ، هذا أوّلاً.
وثانياً : إنّ عهده عليهالسلام إلى مالك الأشتر مشتمل على مستحبّات كثيرة وأوصاف غير لازمة للحاكم أو القاضي التي هى كمال لهما ( لا سيّما في هذا المورد ، فقد ذكر فيه إثنا عشر صفة ـ كثير منها صفات كمال ) ، فلا يمكن استفادة اللزوم من فقرة من فقراته بمجرّد التعبير بصيغة الأمر.
ومنها : ما رواه في البحار عن كتاب الاختصاص قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : « وإنّ الرئاسة لا تصلح إلاّلأهلها ومن دعى الناس إلى نفسه وفيهم من هو أعلم منه لم ينظر الله إليه يوم القيامة » (٢).
وفيه : أنّ التعبير بالرئاسة قرينة على أنّ الحديث ورد في مقام بيان شرائط الولاية والحكومة لا المرجعيّة للتقليد ، ولا ملازمة بين الأمرين كما لا يخفى ، مضافاً إلى ضعف سنده.
ومنها : ما رواه في البحار أيضاً عن الإمام الجواد عليهالسلام ـ أنّه قال مخاطباً عمّه ـ « ياعمّ أنّه عظيم عند الله أن تقف غداً بين يديه فيقول لك لِمَ تفتي عبادي بما لم تعلم وفي الامّة من هو أعلم منك » (٣).
وفيه : أنّه ضعيف من ناحية السند ، مضافاً إلى ضعف الدلالة لأنّه في مقام النهي عن إفتاء
__________________
(١) كتابه عليهالسلام إلى مالك الأشتر ، الكتاب ٥٣ ، من نهج البلاغة.
(٢) بحار الأنوار : ج ٢ ، ص ١١٠.
(٣) بحار الأنوار : ج ٥٠ ، ص ١٠٠.